Monday, November 29, 2010

عودة جديدة

غبت طويلا عن هذه المدونة لظروف قسرية يعرفها الجميع ، لم أتمكن خلال تلك الفترة من الكتابة بحرية كما كنت أفعل من قبل فوسائل التكنولوجيا الحديثة لا يتم توفيرها داخل السجون ، والقمع الشديد يقيد تفكير المرء ويشل قدرته على التعبير بحرية ، حاولت أن أتغلب على هذه الظروف الصعبة وكتبت عددا قليلا من المقالات أرسلتها لتنشر على المدونة بعد أن أعطيت بعض الأصدقاء الذين قابلتهم فى السجن وأفرج عنهم سريعا المعلومات الخاصة بها ، وفوجئت بعد خروجى أن مقالا واحدا لى فقط نشر على صفحات المدونة دون غيرة كما فوجئت بهم وقد غيروا كلمة السر الخاصة بالحساب دون أى سبب واضح ، ولولا أننى كنت أمتلك بعض المفاتيح الخاصة لما أمكننى إستعادة السيطرة على مدونتى وتحريرها مرة أخرى .
السجن تجربة صعبة و قاسية لا يمكن أن يشعر بقسوتها سوى من ذاق مرارتها وتجرع سمها ، ومن جربها مهما أسهب فى الحديث عنهاوتفصيلها لا يمكنه أن يجعل المتلقى يعيش داخل هذه الأجواء الصعبة بخياله ، كثيرون كتبوا عن السجون و قرأت لهم قبل حبسى ، ووجدت الأمور مختلفة تماما ، لم يكن بوسعى سوى أن أقاوم بطريقتى الخاصة ، أعيش فى المكان بروح المغامرة ومحاولة إستكشاف المجهول ، وإستمر الأمر هكذا حتى سئمت السجن ومللت الحياة فية ، حاولت الخروج من هذه الحالة دون جدوى ، حتى كتاباتى فى معظم المرات لم أكن أتأكد أنها تصل الى هدفها وتنشر ، وكان هذا الأمر يؤرقنى جدا ويحول بينى وبين كتابة أى جديد ، فقد كنت أكتب لأنشر ما أكتبه بنفسى دون أن يتدخل أحدهم بالحذف أو الإضافة حسب توجهه الخاص أو سياسة مطبوعته ، لذالك كرهت فكرة نشر مقالاتى فى الصحف الورقية التى لم أعد أؤمن بها وأراها شيئا من الماضى عفى عليه الزمن ، ولكن الأمر لم يكن بيدى ولا من إختيارى فقد كنت سجينا لا حول لى ولا قوة .
فى السجن آمنت أكثر بالحرية وأدركت أنها أثمن ما يمكن للإنسان أن يمتلكه ، لم أفكر ولو للحظة واحدة فى التراجع عن آرائى التى سجنت لأجلها ، لم أفكر فى الإعتذار لمن أتهمونى بإهانته ، لا لشىء إلا لأننى لا أرى فيما كتبته إهانة لشخصة ، ولا أعتقد أن الحديث عن الشخصيات العامة المؤثرة يجب ان يوضع عليه أى قيود خاصة عندما تكون هذه الشخصية فى موقع رئيس الدولة ، كرهت هذا الرجل أكثر وأكثر عندما كنت فى السجن ولم يكن للأمر أدنى صلة بقضيتى ولكن لأننى رأيت من يتعرضون لأقسى درجات الظلم والقمع والإذلال ولا أحد يتحدث عنهم أو يتكلم بإسمهم ، وجدت أن الإنسان عندهم بلا ثمن وأن قيمته عند موته داخل السجن لا تربو عن قيمة "بطانية ميرى" بالغة القذارة يلف بها جثمانه ليسلم إلى ذويه .
عرفت عن يقين أن الأجهزة الأمنية لا يهمها تحقيق الأمن فى البلاد بقدر ما يشغلها خنق الناس والتضييق عليهم وابتزازهم حتى لا يشغلوا أنفسهم بأمورهم المصيرية التى من شأن إنشغالهم بها أن يهدد الكراسى التى يجلس عليها أولياء نعمتهم .
عرفت أن الحرية لا تمنح ولا تستجدى ولكنها لا تأتى سوى بالإنتزاع ، و أدركت جيدا أن التغيير لن يأتى من القمة كما يتخيل بعض السذج ، بل إن القاعدة الغائبة عن الواقع هى التى بيدها أن تصنع هذا التغيير ، وبيدها أيضا أن تقرر بقاء الحال على ما هو عليه بعزفها عن المشاركة .
أدركت عن يقين أنه لا توجد سلطات ثلاث فى مصر يتم الفصل بينها كما درسوا لنا فى المرحلة الإبتدائية ، لا يوجد فى مصر سوى سلطة عليا هى السلطة التنفيذية ، وجهاز قضائى تابع لها يصدر أحكامه بمباركة ودعم منها ، ومجالس نيابية يسيطر عليها الحزب الحاكم ويصل اليها أعضائها بتزوير الإنتخابات وشراء أصوات الناخبين ، أدركت أن مسمى القضاة الذى يطلق على من يجلسون على المنصات فى قاعات المحاكم ويصدرون أحكامهم هو مسمى خاطىء تماما فهم ليسوا سوى موظفين فى وزارة العدل التابعة للسلطة التنفيذية يتقاضون منها رواتبهم وتخضع أحكامهم لرغبة رؤسائهم وتعليماتهم وليس للقانون داخل أروقة هذه المحاكم ولا فى ضمائر هؤلاء الموظفين أى محل .
سنوات عجاف مررت بها أبعدتنى قسرا عن هذه المدونة ، وعدت اليها أخيرا كى أؤرق مضاجع من تسببوا فى هذه الأزمة ودفعوا بى الى السجن لمجرد أننى عبرت عما يجول فى خاطرى ، لن أتركهم وشأنهم سأفضحهم فى كل موضع ، ولن أجعلهم ينعمون بظلمهم للآخرين ومصادرتهم لأبسط حقوقهم المشروعة ، لى جولات أخرى مع المؤسسات الدينية المتعفنة ورموزها المتخلفين ، ومن يضحك أخيرا يضحك كثيرا .
كريم عامر
29نوفمبر 2010



عودة جديدة

غبت طويلا عن هذه المدونة لظروف قسرية يعرفها الجميع ، لم أتمكن خلال تلك الفترة من الكتابة بحرية كما كنت أفعل من قبل فوسائل التكنولوجيا الحديثة لا يتم توفيرها داخل السجون ، والقمع الشديد يقيد تفكير المرء ويشل قدرته على التعبير بحرية ، حاولت أن أتغلب على هذه الظروف الصعبة وكتبت عددا قليلا من المقالات أرسلتها لتنشر على المدونة بعد أن أعطيت بعض الأصدقاء الذين قابلتهم فى السجن وأفرج عنهم سريعا المعلومات الخاصة بها ، وفوجئت بعد خروجى أن مقالا واحدا لى فقط نشر على صفحات المدونة دون غيرة كما فوجئت بهم وقد غيروا كلمة السر الخاصة بالحساب دون أى سبب واضح ، ولولا أننى كنت أمتلك بعض المفاتيح الخاصة لما أمكننى إستعادة السيطرة على مدونتى وتحريرها مرة أخرى .
السجن تجربة صعبة و قاسية لا يمكن أن يشعر بقسوتها سوى من ذاق مرارتها وتجرع سمها ، ومن جربها مهما أسهب فى الحديث عنهاوتفصيلها لا يمكنه أن يجعل المتلقى يعيش داخل هذه الأجواء الصعبة بخياله ، كثيرون كتبوا عن السجون و قرأت لهم قبل حبسى ، ووجدت الأمور مختلفة تماما ، لم يكن بوسعى سوى أن أقاوم بطريقتى الخاصة ، أعيش فى المكان بروح المغامرة ومحاولة إستكشاف المجهول ، وإستمر الأمر هكذا حتى سئمت السجن ومللت الحياة فية ، حاولت الخروج من هذه الحالة دون جدوى ، حتى كتاباتى فى معظم المرات لم أكن أتأكد أنها تصل الى هدفها وتنشر ، وكان هذا الأمر يؤرقنى جدا ويحول بينى وبين كتابة أى جديد ، فقد كنت أكتب لأنشر ما أكتبه بنفسى دون أن يتدخل أحدهم بالحذف أو الإضافة حسب توجهه الخاص أو سياسة مطبوعته ، لذالك كرهت فكرة نشر مقالاتى فى الصحف الورقية التى لم أعد أؤمن بها وأراها شيئا من الماضى عفى عليه الزمن ، ولكن الأمر لم يكن بيدى ولا من إختيارى فقد كنت سجينا لا حول لى ولا قوة .
فى السجن آمنت أكثر بالحرية وأدركت أنها أثمن ما يمكن للإنسان أن يمتلكه ، لم أفكر ولو للحظة واحدة فى التراجع عن آرائى التى سجنت لأجلها ، لم أفكر فى الإعتذار لمن أتهمونى بإهانته ، لا لشىء إلا لأننى لا أرى فيما كتبته إهانة لشخصة ، ولا أعتقد أن الحديث عن الشخصيات العامة المؤثرة يجب ان يوضع عليه أى قيود خاصة عندما تكون هذه الشخصية فى موقع رئيس الدولة ، كرهت هذا الرجل أكثر وأكثر عندما كنت فى السجن ولم يكن للأمر أدنى صلة بقضيتى ولكن لأننى رأيت من يتعرضون لأقسى درجات الظلم والقمع والإذلال ولا أحد يتحدث عنهم أو يتكلم بإسمهم ، وجدت أن الإنسان عندهم بلا ثمن وأن قيمته عند موته داخل السجن لا تربو عن قيمة "بطانية ميرى" بالغة القذارة يلف بها جثمانه ليسلم إلى ذويه .
عرفت عن يقين أن الأجهزة الأمنية لا يهمها تحقيق الأمن فى البلاد بقدر ما يشغلها خنق الناس والتضييق عليهم وابتزازهم حتى لا يشغلوا أنفسهم بأمورهم المصيرية التى من شأن إنشغالهم بها أن يهدد الكراسى التى يجلس عليها أولياء نعمتهم .
عرفت أن الحرية لا تمنح ولا تستجدى ولكنها لا تأتى سوى بالإنتزاع ، و أدركت جيدا أن التغيير لن يأتى من القمة كما يتخيل بعض السذج ، بل إن القاعدة الغائبة عن الواقع هى التى بيدها أن تصنع هذا التغيير ، وبيدها أيضا أن تقرر بقاء الحال على ما هو عليه بعزفها عن المشاركة .
أدركت عن يقين أنه لا توجد سلطات ثلاث فى مصر يتم الفصل بينها كما درسوا لنا فى المرحلة الإبتدائية ، لا يوجد فى مصر سوى سلطة عليا هى السلطة التنفيذية ، وجهاز قضائى تابع لها يصدر أحكامه بمباركة ودعم منها ، ومجالس نيابية يسيطر عليها الحزب الحاكم ويصل اليها أعضائها بتزوير الإنتخابات وشراء أصوات الناخبين ، أدركت أن مسمى القضاة الذى يطلق على من يجلسون على المنصات فى قاعات المحاكم ويصدرون أحكامهم هو مسمى خاطىء تماما فهم ليسوا سوى موظفين فى وزارة العدل التابعة للسلطة التنفيذية يتقاضون منها رواتبهم وتخضع أحكامهم لرغبة رؤسائهم وتعليماتهم وليس للقانون داخل أروقة هذه المحاكم ولا فى ضمائر هؤلاء الموظفين أى محل .
سنوات عجاف مررت بها أبعدتنى قسرا عن هذه المدونة ، وعدت اليها أخيرا كى أؤرق مضاجع من تسببوا فى هذه الأزمة ودفعوا بى الى السجن لمجرد أننى عبرت عما يجول فى خاطرى ، لن أتركهم وشأنهم سأفضحهم فى كل موضع ، ولن أجعلهم ينعمون بظلمهم للآخرين ومصادرتهم لأبسط حقوقهم المشروعة ، لى جولات أخرى مع المؤسسات الدينية المتعفنة ورموزها المتخلفين ، ومن يضحك أخيرا يضحك كثيرا .
كريم عامر
29نوفمبر 2010