Saturday, July 30, 2005

تعليم الإناث وأثره فى إنهيار الفكر الذكورى .

" إن أشد مايذعر له المجتمع الذكورى أن تثبت المرأة تفوقها فى التعليم والعمل فى المجالات الفكرية والعلمية،وسبب الذعر هو خوفهم من أن تتذوق النساء سعادة العمل الفكرى ولذته (اللذة المحرمة) فينجرفن فى هذا الطريق ولا يجد الرجال من يخدمهم فى البيت ويطبخ لهم ويغسل سراويل الأطفال " د.نوال السعداوى-الأنثى هى الأصل.
يعد تعليم النساء من أهم الكوابيس التى تؤرق مضجع المجتمع الذكورى ، وتجعله يخشى أن تخرج المرأة من رباط عصمته ، أو تتمرد عليه وترفض طاعته ، فالمرأة المتعلمة تمثل خطرا يمكن أن يفضى الى القضاء على هذا المجتمع القائم على السيطرة الذكورية على الإناث ، ذالك أن المرأة المتعلمة توقن انها لاتقل عن الرجل فى أى شىء ، ومن ثم فإن تفضيل الرجل عليها لن يكون له أى مصداقية بالنسبة لها ، مما يترتب عليه أن تتمرد المرأة على هذه الأوضاع الشاذة وتبدأ فى السير على خطى التحرر من الهيمنة الذكورية .
فالجهل هو الذى يجعل الإنسان يتقبل الأوضاع التى نشأ عليها حتى وإن كانت ظالمة له او مجحفة لحقه ، فهو ببساطة شديدة لايدرك أنه مظلوم أو أن هذه الأوضاع غير لائقة به ، بل إنه قد يكون على قناعة بأن وضعه الطبيعى هو الوضع الدونى ، وأن تساويه مع الطرف الآخر يعد مخالفة للفطرة ومجافاة للطبيعة ، وهى معتقدات يكتسبها الإنسان الأمى من البيئة التى يعيش فيها دون أن تتاح له الفرصة لمناقشتها أو التشكيك فى مصداقيتها ، لأنه - أساسا - لا يمتلك القدر الكافى من المعرفة الذى يؤهله لمناقشة مثل هذه الأمور .
لكن الوضع يختلف بالنسبة للإنسان المتعلم ، فالتعليم يعمل على خلق الإنسان القادر على الخلق والإبتكار والإبداع ، وهو بالتالى يجعل الإنسان أشد ثقة فى نفسه وفى قدراته ، ويجعله أشد إيمانا بقيمته التى لاتقل بحال من الأحوال عن قيمة الآخرين فى المجتمع بصرف النظر عن الإختلافات العرقية أو الدينية او الجنسية ، وعلى هذا فإنه يمكنه ان يشكك فيما تطرحه عليه البيئة المحيطة به من أفكار تقوم على تفضيل البعض كالذكور على البعض الآخر كالإناث .
وإذا طبقنا هذه النظرية على المرأة المتعلمة فإننا سوف نتوصل الى أن هذا النوع من النساء - وهو فى كامل وعيه - لايمكنه أن يتقبل هذا الوضع الدونى فى المجتمع ذالك أنه لا يجد مبررا عقلانيا يفسر التفرقة بينه وبين نظراءه من الذكور ، بل إنه فى أحيان كثيرة يبدى تفوقا ملحوظا فى العديد من المجالات العملية ، فكيف يمكن بعد كل هذا أن يستساغ تفضيل الذكور على الإناث ؟؟ وكيف يمكن للمرأة التى ينظر إليها كمتفوقة ومؤهلة للقيادة خارج حدود بيتها أن تتحول بمجرد أن تطأ قدمها عتبة بابه إلى خادمة لزوجها ؟؟ وكيف يمكن للمرأة ( وإن كانت أذكى خلق الله ) أن تخضع لرجل ما ( وإن كان أغبى خلق الله ) ؟؟ ، بالطبع هذه أوضاع مجحفة وظالمة لا يمكن لإنسان كامل من جميع النواحى العقلية والخلقية أن يتقبلها فضلا عن أن يتخذها أسلوبا لحياته ، وبالتالى فإن المرأة المتعلمة تدرك على الفور أنها لا تقل - بحال من الأحوال - عن غيرها فى أى شىء ، مما يدفعها إلى أن تسلك طريق التمرد على الوضع السائد ومحاولة تغييره إلى الأفضل .
وهنا تكون الطعنة قد سددت بكل دقة وعناية وحرفية إلى صدر المجتمع الذكورى المتخلف ، فعندما ترى المرأة نفسها متساوية تماما مع الرجل فى كل شىء ، أى أنه ليس من حقه عليها أن تؤدى له الأعمال الخدمية من طبخ للطعام وغسل للثياب وتقديم جسدها له فى الفراش كعاهرة متمرسة ، وعندما تدرك المرأة أن من حقها أن تكون لها حياتها الخاصة بها والتى لا يحق للرجل بأى ذريعة كانت أن يدس أنفه فيها ، وعندما تدرك المرأة أن من حقها ان تكون لها إرادتها المستقلة المنفصلة تماما عن إرادة الزوج أو الأب ، وعندما تدرك المرأة أن من حقها أن ترفض كل مالا يروق لها دون أن تخشى عقابا إلهيا يلاحقها لرفضها هذا الأمر المقدس ، وعندما تدرك المرأة أن من حقها ان تقول لزوجها " لا " عندما يطلبها لمتعته السادية الشاذة دون أن تخشى أن تلعنها الملائكة حتى تصبح ، وعندما تدرك المرأة أن نصيبها الذى تستأهله من التركة هو عينه النصيب الذى يأخذه نظيرها الذكر دون تلقى بالا بمن يحاول أن يصم أذنيها بآيات الميراث ، وعندما تدرك المرأة أن من حقها ان تبادر إلى إنهاء العلاقة الزوجية فى الوقت الذى تريده دون أن يعترض زوجها بأن هذا الحق مكفول له وحده طبقا للنصوص الدينية والقانونية والقواعد العرفية الجاهلية ، وعندما تدرك المراة أن من حقها أن يشاركها الرجل فى تحمل مسؤولية الطفل الذى نشأ عن علاقة جنسية خارج الإطار المشروع مجتمعيا دون ان تخشى أن يصب مجتمعها جام غضبه عليها ، وعندما تدرك المرأة أن من حقها التصويت فى الإنتخابات دون ان توضع العراقيل فى طريقها ، وعندما تدرك المرأة ان من حقها أن تجلس على منصة القضاء وتصل الى سدة الحكم فى بلادها دون أن تتهم بانها قد سببت اللعنة لـ(قومها ) .
عندما تدرك المرأة أن لها حقوقا مشروعة ينبغى ان تصان ولا ينازعها فيها أحد ، عندها يجب أن ينتظر المجتمع الذكورى نهايته المفجعة حيث أن مقومات وجوده قد إنتفت ، فلم يعد هناك أى داع لاستمرار نظامه الطبقى الأبوى اللاإنسانى فى السيطرة على رقاب البشر والهيمنة على مصائر النساء .
وحيث أن المجتمع الذكورى يتفهم هذا الأمر جيدا ، ويدرك أن السماح بتعليم المرأة يعد ضربا من الجنون وإقداما على الإنتحار ، فقد حاول بشتى الطرق أن يمنع مثل هذه ( الكارثة ) ، فحاول فى البداية أن يمنع تعليم المرأة بصورة تامة ولكن محاولته تلك بائت بالفشل الذريع ، فلم يجد حلا يلجأ إليه سوى وضع العراقيل أمام تعليم المرأة بمحاولته التشكيك فى جدوى ونتيجة هذا الأمر ، ومحاولة التركيز على ان تعليم المرأة يعد خروجا عن دورها الطبيعى المرسوم لها منذ قديم الأزل كخادمة فى المنزل وراعية للأطفال ومصدر المتعة الجنسية للرجال ، أو أن عقلها ناقص لدرجة تحول بينها وبين سرعة التلقى كالذكور ، أو أن السماح لها بدخول مجال التعليم سوف يؤدى إلى إنهيار النظم التعليمية وإنتشار الجهل بحجة أن نقصان عقلها - المزعوم عنده - قد يؤدى إلى سيطرتها بعقليتها الناقصة على نظام التعليم والتعجيل بإنهياره ، إلى غير ذالك من الحجج التى ساقها المجتمع الذكورى لمنع ( الكارثة ) التى قد تؤدى إلى زوال أفكاره وإندثارها من العقول البشرية ، ولكن وفى النهاية بائت هذه الخطط الشيطانية الذكورية بالفشل مما حدا بالمجتمع أن يحتال للضغط على النساء من خلال إقناع الذكور بأن غباء المرأة يعد أحد عوامل جاذبيتها ، وأن ذكاء المرأة مدعاة للنفور منها وكراهيتها ، وبأن المرأة الغبية - الأمية - يسهل إقتيادها والسيطرة على عقليتها الباهتة السطحية ، بعكس المرأة الذكية - المتعلمة - التى يصعب ترويضها وإخضاع عقليتها الناضجة القوية .
فبدأ الذكور ينفرون من الإقتران بالإنسانة التى يجدون فيها رائحة الذكاء ، ويلثمون أقدام الأنثى التى تفوح منها رائحة الغباء ، وأصبح الذكاء من أهم العوامل التى تجعل المرأة تسير على خطى العنوسة والحياة دون زواج ، ولكن هذه الأمور لم تكن تشغل بال الكثيرات من النساء من ذوات العقلية الناضجة ، إذ أن الزواج لا يمثل سوى جزء ضئيل من الحياة بصفة عامة ، فإذا تمكن الإنسان من تحقيق نجاح فى معظم مجالات الحياة لا يضره كثيرا أن يمنى بالفشل فى هذا الجانب الحياتى الضئيل .
وقد عمل إفشال هذه الخطة الذكورية الخبيثة أيضا ظهور أجيال جديدة من الذكور الذين تمكنوا من التحرر من العقد الجنسية ، ونمت قناعاتهم بتساوى البشر جميعا فى كل شىء بصرف النظر عن الإختلاف الوظيفى فى التكوينات الجسدية .
إن الحرب القائمة بين الفكر التنويرى والفكر الذكورى قد أو شكت أن تضع أوزارها ، فالتراث الذكورى لم يتبق منه فى عصرنا هذا سوى آثار ضئيلة تعلق بأذهان البعض منا كنتيجة طبيعية لقرون طويلة من الهيمنة الذكورية على العقلية الإنسانية ، ولكن هذه البقايا التراثية هى أيضا فى طريقها إلى الإضمحلال فى أقرب وقت ، وماعلينا سوى أن نتفائل ، فرياح الحرية قد بدأت تهب على مجتمعاتنا ، والفكر التنويرى قد بدأ يعرف طريقه نحو عقول شبابنا ، والتغيير لم يعد حلما للبعض وكابوسا يقض مضاجع الآخرين ، وإنما أضحى واقعا يلقى بظلاله على كل بقعة من بقاع العالم ، كل مايجب علينا فعله هو أن نحافظ على مواقعنا ، نتقدم إلى الأمام ولا نتراجع إلى الوراء ، نحاول الإجهاز على الفكر الذكورى الذى يلفظ أنفاسه الأخيرة هذه الأيام ، ولا نعطى الفرصة لأتباعه كى يعيدوه ثانية إلى الحياة .
على كل إمرأة أن تتفهم جيدا أن الدور المنوط بها فى الحياة قد أضحى فى غاية الحيوية والفعالية ، فعليها أن تستغل كافة قدراتها للعمل على تقدم مجتمعها وإذدهاره ، وأن تبرز للجميع أهمية الدور الذى تلعبه المرأة على الطريق نحو تقدم مجتمعها الذى عاش ردحا من الزمن فى غيابات الجهل والتخلف عندما كان نصفه المؤنث مسجونا خلف أسوار الحرملك ، ثم بدأ فى الخروج نحو نور الحضارة والتقدم عندما تحررت نساؤه من الهيمنة الذكورية وخرجن من سجنها المؤبد ، على كل إمرأة أن تبرز هذا الأمر كى تؤكد لمجتمعها أنها تصلح لأشياء أخرى غير خدمة الذكور فى منازلهم وإستعراض جسدها فوق فرشهم .
عبدالكريم نبيل سليمان
30/ 7 / 2005
الإسكندرية / مصر

تعليم الإناث وأثره فى إنهيار الفكر الذكورى .

" إن أشد مايذعر له المجتمع الذكورى أن تثبت المرأة تفوقها فى التعليم والعمل فى المجالات الفكرية والعلمية،وسبب الذعر هو خوفهم من أن تتذوق النساء سعادة العمل الفكرى ولذته (اللذة المحرمة) فينجرفن فى هذا الطريق ولا يجد الرجال من يخدمهم فى البيت ويطبخ لهم ويغسل سراويل الأطفال " د.نوال السعداوى-الأنثى هى الأصل.
يعد تعليم النساء من أهم الكوابيس التى تؤرق مضجع المجتمع الذكورى ، وتجعله يخشى أن تخرج المرأة من رباط عصمته ، أو تتمرد عليه وترفض طاعته ، فالمرأة المتعلمة تمثل خطرا يمكن أن يفضى الى القضاء على هذا المجتمع القائم على السيطرة الذكورية على الإناث ، ذالك أن المرأة المتعلمة توقن انها لاتقل عن الرجل فى أى شىء ، ومن ثم فإن تفضيل الرجل عليها لن يكون له أى مصداقية بالنسبة لها ، مما يترتب عليه أن تتمرد المرأة على هذه الأوضاع الشاذة وتبدأ فى السير على خطى التحرر من الهيمنة الذكورية .
فالجهل هو الذى يجعل الإنسان يتقبل الأوضاع التى نشأ عليها حتى وإن كانت ظالمة له او مجحفة لحقه ، فهو ببساطة شديدة لايدرك أنه مظلوم أو أن هذه الأوضاع غير لائقة به ، بل إنه قد يكون على قناعة بأن وضعه الطبيعى هو الوضع الدونى ، وأن تساويه مع الطرف الآخر يعد مخالفة للفطرة ومجافاة للطبيعة ، وهى معتقدات يكتسبها الإنسان الأمى من البيئة التى يعيش فيها دون أن تتاح له الفرصة لمناقشتها أو التشكيك فى مصداقيتها ، لأنه - أساسا - لا يمتلك القدر الكافى من المعرفة الذى يؤهله لمناقشة مثل هذه الأمور .
لكن الوضع يختلف بالنسبة للإنسان المتعلم ، فالتعليم يعمل على خلق الإنسان القادر على الخلق والإبتكار والإبداع ، وهو بالتالى يجعل الإنسان أشد ثقة فى نفسه وفى قدراته ، ويجعله أشد إيمانا بقيمته التى لاتقل بحال من الأحوال عن قيمة الآخرين فى المجتمع بصرف النظر عن الإختلافات العرقية أو الدينية او الجنسية ، وعلى هذا فإنه يمكنه ان يشكك فيما تطرحه عليه البيئة المحيطة به من أفكار تقوم على تفضيل البعض كالذكور على البعض الآخر كالإناث .
وإذا طبقنا هذه النظرية على المرأة المتعلمة فإننا سوف نتوصل الى أن هذا النوع من النساء - وهو فى كامل وعيه - لايمكنه أن يتقبل هذا الوضع الدونى فى المجتمع ذالك أنه لا يجد مبررا عقلانيا يفسر التفرقة بينه وبين نظراءه من الذكور ، بل إنه فى أحيان كثيرة يبدى تفوقا ملحوظا فى العديد من المجالات العملية ، فكيف يمكن بعد كل هذا أن يستساغ تفضيل الذكور على الإناث ؟؟ وكيف يمكن للمرأة التى ينظر إليها كمتفوقة ومؤهلة للقيادة خارج حدود بيتها أن تتحول بمجرد أن تطأ قدمها عتبة بابه إلى خادمة لزوجها ؟؟ وكيف يمكن للمرأة ( وإن كانت أذكى خلق الله ) أن تخضع لرجل ما ( وإن كان أغبى خلق الله ) ؟؟ ، بالطبع هذه أوضاع مجحفة وظالمة لا يمكن لإنسان كامل من جميع النواحى العقلية والخلقية أن يتقبلها فضلا عن أن يتخذها أسلوبا لحياته ، وبالتالى فإن المرأة المتعلمة تدرك على الفور أنها لا تقل - بحال من الأحوال - عن غيرها فى أى شىء ، مما يدفعها إلى أن تسلك طريق التمرد على الوضع السائد ومحاولة تغييره إلى الأفضل .
وهنا تكون الطعنة قد سددت بكل دقة وعناية وحرفية إلى صدر المجتمع الذكورى المتخلف ، فعندما ترى المرأة نفسها متساوية تماما مع الرجل فى كل شىء ، أى أنه ليس من حقه عليها أن تؤدى له الأعمال الخدمية من طبخ للطعام وغسل للثياب وتقديم جسدها له فى الفراش كعاهرة متمرسة ، وعندما تدرك المرأة أن من حقها أن تكون لها حياتها الخاصة بها والتى لا يحق للرجل بأى ذريعة كانت أن يدس أنفه فيها ، وعندما تدرك المرأة أن من حقها ان تكون لها إرادتها المستقلة المنفصلة تماما عن إرادة الزوج أو الأب ، وعندما تدرك المرأة أن من حقها أن ترفض كل مالا يروق لها دون أن تخشى عقابا إلهيا يلاحقها لرفضها هذا الأمر المقدس ، وعندما تدرك المرأة أن من حقها ان تقول لزوجها " لا " عندما يطلبها لمتعته السادية الشاذة دون أن تخشى أن تلعنها الملائكة حتى تصبح ، وعندما تدرك المرأة أن نصيبها الذى تستأهله من التركة هو عينه النصيب الذى يأخذه نظيرها الذكر دون تلقى بالا بمن يحاول أن يصم أذنيها بآيات الميراث ، وعندما تدرك المرأة أن من حقها ان تبادر إلى إنهاء العلاقة الزوجية فى الوقت الذى تريده دون أن يعترض زوجها بأن هذا الحق مكفول له وحده طبقا للنصوص الدينية والقانونية والقواعد العرفية الجاهلية ، وعندما تدرك المراة أن من حقها أن يشاركها الرجل فى تحمل مسؤولية الطفل الذى نشأ عن علاقة جنسية خارج الإطار المشروع مجتمعيا دون ان تخشى أن يصب مجتمعها جام غضبه عليها ، وعندما تدرك المرأة أن من حقها التصويت فى الإنتخابات دون ان توضع العراقيل فى طريقها ، وعندما تدرك المرأة ان من حقها أن تجلس على منصة القضاء وتصل الى سدة الحكم فى بلادها دون أن تتهم بانها قد سببت اللعنة لـ(قومها ) .
عندما تدرك المرأة أن لها حقوقا مشروعة ينبغى ان تصان ولا ينازعها فيها أحد ، عندها يجب أن ينتظر المجتمع الذكورى نهايته المفجعة حيث أن مقومات وجوده قد إنتفت ، فلم يعد هناك أى داع لاستمرار نظامه الطبقى الأبوى اللاإنسانى فى السيطرة على رقاب البشر والهيمنة على مصائر النساء .
وحيث أن المجتمع الذكورى يتفهم هذا الأمر جيدا ، ويدرك أن السماح بتعليم المرأة يعد ضربا من الجنون وإقداما على الإنتحار ، فقد حاول بشتى الطرق أن يمنع مثل هذه ( الكارثة ) ، فحاول فى البداية أن يمنع تعليم المرأة بصورة تامة ولكن محاولته تلك بائت بالفشل الذريع ، فلم يجد حلا يلجأ إليه سوى وضع العراقيل أمام تعليم المرأة بمحاولته التشكيك فى جدوى ونتيجة هذا الأمر ، ومحاولة التركيز على ان تعليم المرأة يعد خروجا عن دورها الطبيعى المرسوم لها منذ قديم الأزل كخادمة فى المنزل وراعية للأطفال ومصدر المتعة الجنسية للرجال ، أو أن عقلها ناقص لدرجة تحول بينها وبين سرعة التلقى كالذكور ، أو أن السماح لها بدخول مجال التعليم سوف يؤدى إلى إنهيار النظم التعليمية وإنتشار الجهل بحجة أن نقصان عقلها - المزعوم عنده - قد يؤدى إلى سيطرتها بعقليتها الناقصة على نظام التعليم والتعجيل بإنهياره ، إلى غير ذالك من الحجج التى ساقها المجتمع الذكورى لمنع ( الكارثة ) التى قد تؤدى إلى زوال أفكاره وإندثارها من العقول البشرية ، ولكن وفى النهاية بائت هذه الخطط الشيطانية الذكورية بالفشل مما حدا بالمجتمع أن يحتال للضغط على النساء من خلال إقناع الذكور بأن غباء المرأة يعد أحد عوامل جاذبيتها ، وأن ذكاء المرأة مدعاة للنفور منها وكراهيتها ، وبأن المرأة الغبية - الأمية - يسهل إقتيادها والسيطرة على عقليتها الباهتة السطحية ، بعكس المرأة الذكية - المتعلمة - التى يصعب ترويضها وإخضاع عقليتها الناضجة القوية .
فبدأ الذكور ينفرون من الإقتران بالإنسانة التى يجدون فيها رائحة الذكاء ، ويلثمون أقدام الأنثى التى تفوح منها رائحة الغباء ، وأصبح الذكاء من أهم العوامل التى تجعل المرأة تسير على خطى العنوسة والحياة دون زواج ، ولكن هذه الأمور لم تكن تشغل بال الكثيرات من النساء من ذوات العقلية الناضجة ، إذ أن الزواج لا يمثل سوى جزء ضئيل من الحياة بصفة عامة ، فإذا تمكن الإنسان من تحقيق نجاح فى معظم مجالات الحياة لا يضره كثيرا أن يمنى بالفشل فى هذا الجانب الحياتى الضئيل .
وقد عمل إفشال هذه الخطة الذكورية الخبيثة أيضا ظهور أجيال جديدة من الذكور الذين تمكنوا من التحرر من العقد الجنسية ، ونمت قناعاتهم بتساوى البشر جميعا فى كل شىء بصرف النظر عن الإختلاف الوظيفى فى التكوينات الجسدية .
إن الحرب القائمة بين الفكر التنويرى والفكر الذكورى قد أو شكت أن تضع أوزارها ، فالتراث الذكورى لم يتبق منه فى عصرنا هذا سوى آثار ضئيلة تعلق بأذهان البعض منا كنتيجة طبيعية لقرون طويلة من الهيمنة الذكورية على العقلية الإنسانية ، ولكن هذه البقايا التراثية هى أيضا فى طريقها إلى الإضمحلال فى أقرب وقت ، وماعلينا سوى أن نتفائل ، فرياح الحرية قد بدأت تهب على مجتمعاتنا ، والفكر التنويرى قد بدأ يعرف طريقه نحو عقول شبابنا ، والتغيير لم يعد حلما للبعض وكابوسا يقض مضاجع الآخرين ، وإنما أضحى واقعا يلقى بظلاله على كل بقعة من بقاع العالم ، كل مايجب علينا فعله هو أن نحافظ على مواقعنا ، نتقدم إلى الأمام ولا نتراجع إلى الوراء ، نحاول الإجهاز على الفكر الذكورى الذى يلفظ أنفاسه الأخيرة هذه الأيام ، ولا نعطى الفرصة لأتباعه كى يعيدوه ثانية إلى الحياة .
على كل إمرأة أن تتفهم جيدا أن الدور المنوط بها فى الحياة قد أضحى فى غاية الحيوية والفعالية ، فعليها أن تستغل كافة قدراتها للعمل على تقدم مجتمعها وإذدهاره ، وأن تبرز للجميع أهمية الدور الذى تلعبه المرأة على الطريق نحو تقدم مجتمعها الذى عاش ردحا من الزمن فى غيابات الجهل والتخلف عندما كان نصفه المؤنث مسجونا خلف أسوار الحرملك ، ثم بدأ فى الخروج نحو نور الحضارة والتقدم عندما تحررت نساؤه من الهيمنة الذكورية وخرجن من سجنها المؤبد ، على كل إمرأة أن تبرز هذا الأمر كى تؤكد لمجتمعها أنها تصلح لأشياء أخرى غير خدمة الذكور فى منازلهم وإستعراض جسدها فوق فرشهم .
عبدالكريم نبيل سليمان
30/ 7 / 2005
الإسكندرية / مصر

Wednesday, July 27, 2005

القضاء على إرهاب الشرطة أولا - لبنى حسن

ازدادت وتيرة الهجمات الإرهابية في الفترة الأخيرة و بات مشهد التفجيرات والانهيارات و الضحايا شبه يومي, ليصبح الإرهاب ظاهرة دولية فلا يكاد يمر أسبوع دون أن نسمع على تفجير و ضحايا و دمار, فلم يعد الأمر مقتصر على منطقة أو بقعة معينة من العالم بل طالت يد الأجرام مختلف الدول, عربية و غربية فمن السعودية و لبنان والعراق لتركيا و مدريد و لندن وأخيرا مصر بالرغم من احتمالنا - دون غيرنا - لما يسمى قانون الطوارئ لعقود طويلة, والذي من المفترض أننا احتملناه من اجل حمايتنا من مثل تلك الهجمات الإرهابية.
بعد سلسة الهجمات مباشرة سارع المحللون لمحاولة التكهن بالجهة التي نفذت العملية فالبعض اتهم القاعدة أو أشاروا لتورط ما يعرف بالخلايا النائمة وآخرين اتهموا إسرائيل خاصة أنها أطلقت تحذير لمواطنيها قبل موعد التفجيرات بأسبوعين وذهب آخرين للتأكيد على أنها قد تكون تنظيمات دولية أخرى تأثرت بفكر القاعدة و لكن يبدوا أن الجميع اتفقوا على أنها جهات خارجية وهذا يبدوا منطقي في ظل المعطيات المتاحة عن تاريخ التنظيمات المتطرفة في مصر ولكن بالتأكيد أى تنظيم دولي مهما بلغت قدراته يحتاج إلي مساعدة داخلية ليستطيع الاختراق والتغلغل بهذه الصورة التي تمكنهم من تنفيذ تفجيرات متتالية و متلاحقة ، فمن المعروف أن للإرهاب أسباب داخلية و خارجية متشابكة و متداخلة سيتطلب علاجها زمنا طويل و تضامن دولي ، و لكن من أهم الخطوات على الصعيد الداخلي هو مواجهة الأسباب المحلية التي ساهمت في حدوث كارثة شرم الشيخ و من قبلها طابا, فمن ناحية إسيئ استخدام الدين وأستخدم لإفراز كراهية وحقد وعدوانية فانتشر التطرف الديني حيث أحسنت الجماعات الوهابية استغلال ظروف المجتمع من فقر و جهل و بطالة و تهميش للمواطن ، للتغلغل و السيطرة و بث السموم و الفكر المتطرف ، و من ناحية أخرى هناك جسور من العداء بين المواطن وأجهزة الأمن التي تعسفت في استخدام قانون الطوارئ لتحوله لقانون الغاب الذي يضمن البقاء للأقوى فيدهس البسطاء ، و بالطبع لم يقتصر استخدامه على قضايا المخدرات والإرهاب كما يردد لنا إعلام الحزب الحاكم ليل نهار وإنما استخدم في تبرير بلطجة و سحق الأبرياء و انتهاك آدمية المواطن ، فالظلم و الذل الذي وقع على عدد ليس بقليل من المواطنين خاصة أهالي سيناء كفيل بزرع الحقد و الغل و الدافع للانتقام من الدولة أو على الأقل تجنبها و رفض التعاون معها.
كيف يأمن المواطن لأجهزة احترفت الاعتقال العشوائي و ممارسة كافة أشكال القمع والتعذيب و الإهانة بتجريد المتهم من ملابسه و تعليقه من قدميه و ضربه بالشوم والسلاسل الحديدية و صعقه بالكهرباء و حرمانه من الطعام و الشراب و تركه لكلاب مدربة على العض في الأماكن الحساسة و تهديده بتلفيق اتهامات أخرى من اجل اخذ الاعترافات و تسديد الخانات, فالضحية يجد نفسه أمام اختيارين لا ثالث لهما ، فإما الموت تحت التعذيب أو الاعتراف بما يرغب الضابط و النتيجة تخريج دفعات من المشوهين نفسيا و بدنيا و زرع الرعب في قلب المواطن الذي يعانى من آثار أهدار كرامته و إنسانيته والذي غالبا ما يعتقل أقاربه وأصدقاءه بل و تمارس التجاوزات تجاه والدته أو نساء عائلته أمامه لإذلاله و إجباره على الخضوع لأوامر العسكر ، فسجل مباحث أمن الدولة حافل بملفات ضحايا الشرطة الذين أصيبوا بعاهات مستديمة فمنهم من فقد البصر أو السمع أو فقد ذاكرته و تدهورت صحته بسبب التعذيب و التنكيل و سوء ظروف الاحتجاز من تردى الأوضاع الصحية و سوء التغذية و التهوية, فضلا عن ما يتعرض له المعتقل - غالبا ما يكون برئ - من إهمال وعدم إطلاق السراح بالرغم من صدور أحكام قضائية بالإفراج عنه,هذا إلى جانب استخدام قانون الطوارئ في اعتقال من هم دون العشرين ، فقانون الطوارئ يستخدم لاعتقال الأبرياء و الزج بهم في السجون دون محاكمة أو مبرر قانوني وفى بعض الأحيان يتم الإفراج عنهم دون أن يعرفوا لماذا أفرج عنهم و لماذا سجنوا أصلاً!
نحن في حاجة لإعادة صياغة علاقة الشعب بأجهزة الأمن التي تمارس الإرهاب في أبشع صورة ضد المواطن المصري بدلا من القيام بدورها الرئيسي المتمثل في نصرة المظلوم و القضاء على المجرمين و حماية الضعفاء, لذا يجب إعادة النظر في علاقة الأجهزة الأمنية بالمواطن على الأقل لإذابة جبال العداء و مساعدة المواطن على النظر للشرطة كمصدر أمن له لا إرهاب ضده و عدوان عليه, فمناخ الذل و القهر و التعذيب الذي صنعته أجهزة الأمن على مر عقود جعل من المستحيل على مواطن بسيط التعاون مع الشرطة أو الإدلاء بأي معلومات لديه مهما كانت أهميتها و قيمتها لأنه ببساطة على يقين من كونه سيتحول إلى متهم و مدان وأن مصيره سيكون الشك في نواياه والاعتقال و التعذيب و ربما الموت ، فمازلت أتذكر حينما تلقيت اتصال من صديقتي لأجدها في حالة ذعر و ذهول و هي تحكى عن خادمتها التي تعرضت للخطف من قبل سائق مايكروباص حاول الاعتداء عليها على طريق أسكندرية الصحراوي فقاومت و صرخت و استغاثت حتى سمع صوتها ضابط مرور و قام بإبلاغ دورية الشرطة التي أتت على الفور و لكن لتأخذ الضحية - الفتاة - للقسم و تحتفي بها بكل أنواع الضرب و الأهانة و التعذيب و استخدام أساليب غير آدمية لمجرد اشتباههم أنها قد تكون حرضته...هكذا مجرد اشتباه دون دليل أو تحقيق أو تدقيق, فإذا كانت الضحية تحولت إلى جانية و تعرضت لأبشع صور التعذيب فما بالنا بمواطن عادى يذهب بأرجله لمقر العصابة المسماة بأجهزة الأمن و هل يجرؤ احد البسطاء على الأقدام على مثل تلك الخطوة و المخاطرة بحياته؟؟
لا يجب أن ُتتخذ الحرب ضد الإرهاب ذريعة لتعطيل عملية الإصلاح و عرقلة خطوات الديمقراطية بل تجعلنا في حاجة ماسة للتأكيد على أهمية أطلاق الحريات و بناء جبهة داخلية سليمة و متوازنة, فالمواطن بحاجة ليثق في الحكومة و يشعر بآدميته و تعود له حقوقه المسلوبة أولا.

القضاء على إرهاب الشرطة أولا - لبنى حسن

ازدادت وتيرة الهجمات الإرهابية في الفترة الأخيرة و بات مشهد التفجيرات والانهيارات و الضحايا شبه يومي, ليصبح الإرهاب ظاهرة دولية فلا يكاد يمر أسبوع دون أن نسمع على تفجير و ضحايا و دمار, فلم يعد الأمر مقتصر على منطقة أو بقعة معينة من العالم بل طالت يد الأجرام مختلف الدول, عربية و غربية فمن السعودية و لبنان والعراق لتركيا و مدريد و لندن وأخيرا مصر بالرغم من احتمالنا - دون غيرنا - لما يسمى قانون الطوارئ لعقود طويلة, والذي من المفترض أننا احتملناه من اجل حمايتنا من مثل تلك الهجمات الإرهابية.
بعد سلسة الهجمات مباشرة سارع المحللون لمحاولة التكهن بالجهة التي نفذت العملية فالبعض اتهم القاعدة أو أشاروا لتورط ما يعرف بالخلايا النائمة وآخرين اتهموا إسرائيل خاصة أنها أطلقت تحذير لمواطنيها قبل موعد التفجيرات بأسبوعين وذهب آخرين للتأكيد على أنها قد تكون تنظيمات دولية أخرى تأثرت بفكر القاعدة و لكن يبدوا أن الجميع اتفقوا على أنها جهات خارجية وهذا يبدوا منطقي في ظل المعطيات المتاحة عن تاريخ التنظيمات المتطرفة في مصر ولكن بالتأكيد أى تنظيم دولي مهما بلغت قدراته يحتاج إلي مساعدة داخلية ليستطيع الاختراق والتغلغل بهذه الصورة التي تمكنهم من تنفيذ تفجيرات متتالية و متلاحقة ، فمن المعروف أن للإرهاب أسباب داخلية و خارجية متشابكة و متداخلة سيتطلب علاجها زمنا طويل و تضامن دولي ، و لكن من أهم الخطوات على الصعيد الداخلي هو مواجهة الأسباب المحلية التي ساهمت في حدوث كارثة شرم الشيخ و من قبلها طابا, فمن ناحية إسيئ استخدام الدين وأستخدم لإفراز كراهية وحقد وعدوانية فانتشر التطرف الديني حيث أحسنت الجماعات الوهابية استغلال ظروف المجتمع من فقر و جهل و بطالة و تهميش للمواطن ، للتغلغل و السيطرة و بث السموم و الفكر المتطرف ، و من ناحية أخرى هناك جسور من العداء بين المواطن وأجهزة الأمن التي تعسفت في استخدام قانون الطوارئ لتحوله لقانون الغاب الذي يضمن البقاء للأقوى فيدهس البسطاء ، و بالطبع لم يقتصر استخدامه على قضايا المخدرات والإرهاب كما يردد لنا إعلام الحزب الحاكم ليل نهار وإنما استخدم في تبرير بلطجة و سحق الأبرياء و انتهاك آدمية المواطن ، فالظلم و الذل الذي وقع على عدد ليس بقليل من المواطنين خاصة أهالي سيناء كفيل بزرع الحقد و الغل و الدافع للانتقام من الدولة أو على الأقل تجنبها و رفض التعاون معها.
كيف يأمن المواطن لأجهزة احترفت الاعتقال العشوائي و ممارسة كافة أشكال القمع والتعذيب و الإهانة بتجريد المتهم من ملابسه و تعليقه من قدميه و ضربه بالشوم والسلاسل الحديدية و صعقه بالكهرباء و حرمانه من الطعام و الشراب و تركه لكلاب مدربة على العض في الأماكن الحساسة و تهديده بتلفيق اتهامات أخرى من اجل اخذ الاعترافات و تسديد الخانات, فالضحية يجد نفسه أمام اختيارين لا ثالث لهما ، فإما الموت تحت التعذيب أو الاعتراف بما يرغب الضابط و النتيجة تخريج دفعات من المشوهين نفسيا و بدنيا و زرع الرعب في قلب المواطن الذي يعانى من آثار أهدار كرامته و إنسانيته والذي غالبا ما يعتقل أقاربه وأصدقاءه بل و تمارس التجاوزات تجاه والدته أو نساء عائلته أمامه لإذلاله و إجباره على الخضوع لأوامر العسكر ، فسجل مباحث أمن الدولة حافل بملفات ضحايا الشرطة الذين أصيبوا بعاهات مستديمة فمنهم من فقد البصر أو السمع أو فقد ذاكرته و تدهورت صحته بسبب التعذيب و التنكيل و سوء ظروف الاحتجاز من تردى الأوضاع الصحية و سوء التغذية و التهوية, فضلا عن ما يتعرض له المعتقل - غالبا ما يكون برئ - من إهمال وعدم إطلاق السراح بالرغم من صدور أحكام قضائية بالإفراج عنه,هذا إلى جانب استخدام قانون الطوارئ في اعتقال من هم دون العشرين ، فقانون الطوارئ يستخدم لاعتقال الأبرياء و الزج بهم في السجون دون محاكمة أو مبرر قانوني وفى بعض الأحيان يتم الإفراج عنهم دون أن يعرفوا لماذا أفرج عنهم و لماذا سجنوا أصلاً!
نحن في حاجة لإعادة صياغة علاقة الشعب بأجهزة الأمن التي تمارس الإرهاب في أبشع صورة ضد المواطن المصري بدلا من القيام بدورها الرئيسي المتمثل في نصرة المظلوم و القضاء على المجرمين و حماية الضعفاء, لذا يجب إعادة النظر في علاقة الأجهزة الأمنية بالمواطن على الأقل لإذابة جبال العداء و مساعدة المواطن على النظر للشرطة كمصدر أمن له لا إرهاب ضده و عدوان عليه, فمناخ الذل و القهر و التعذيب الذي صنعته أجهزة الأمن على مر عقود جعل من المستحيل على مواطن بسيط التعاون مع الشرطة أو الإدلاء بأي معلومات لديه مهما كانت أهميتها و قيمتها لأنه ببساطة على يقين من كونه سيتحول إلى متهم و مدان وأن مصيره سيكون الشك في نواياه والاعتقال و التعذيب و ربما الموت ، فمازلت أتذكر حينما تلقيت اتصال من صديقتي لأجدها في حالة ذعر و ذهول و هي تحكى عن خادمتها التي تعرضت للخطف من قبل سائق مايكروباص حاول الاعتداء عليها على طريق أسكندرية الصحراوي فقاومت و صرخت و استغاثت حتى سمع صوتها ضابط مرور و قام بإبلاغ دورية الشرطة التي أتت على الفور و لكن لتأخذ الضحية - الفتاة - للقسم و تحتفي بها بكل أنواع الضرب و الأهانة و التعذيب و استخدام أساليب غير آدمية لمجرد اشتباههم أنها قد تكون حرضته...هكذا مجرد اشتباه دون دليل أو تحقيق أو تدقيق, فإذا كانت الضحية تحولت إلى جانية و تعرضت لأبشع صور التعذيب فما بالنا بمواطن عادى يذهب بأرجله لمقر العصابة المسماة بأجهزة الأمن و هل يجرؤ احد البسطاء على الأقدام على مثل تلك الخطوة و المخاطرة بحياته؟؟
لا يجب أن ُتتخذ الحرب ضد الإرهاب ذريعة لتعطيل عملية الإصلاح و عرقلة خطوات الديمقراطية بل تجعلنا في حاجة ماسة للتأكيد على أهمية أطلاق الحريات و بناء جبهة داخلية سليمة و متوازنة, فالمواطن بحاجة ليثق في الحكومة و يشعر بآدميته و تعود له حقوقه المسلوبة أولا.

Tuesday, July 26, 2005

رسالة من نزار قباني للمرأة العربية - عماد الربيعى

إلى ذكرى روح الأب والمعلم نزار قباني ..

أتشرف عزيزي القارئ .. عزيزتي القارئة
بجمع وأعداد هذه المقالة
وهي مقدمة لديوان شاعر الإنسانية الأكبر السيد نزار قباني ( يوميات امرأة لا مبالية )
وقد كانت بالأساس الكلمة التي ألقاها الشاعر
على جمع من الطالبات
في الجامعة الأميركية في بيروت ..

(( يوميات امرأة لامبالية )) هو كتابكن ، هو كتاب كل امرأ ة حكم عليها هذا الشرق الغبي الجاهل المعقّد بالإعدام ونفذ حكمه فيها قبل أن تفتح فمها . ولأن هذا الشرق غبي وجاهل يضطر رجل مثلي أن يلبس ثياب امرأة ، ويستعير كحلها وأساورها ليكتب عنها . أليس من مفارقات القدر أن أصرخ أنا بلسان النساء
ولا تستطيع النساء أن يصرخن بأصواتهن الطبيعية . ثم أليس من مفارقات المضحكة ، أن آتي إلى قاعة الوست هول لأشرح لكنّ أيتها المباليات مشاكل هذه اللامبالية النفسية والجسدية ..
لماذا تصمتن أيتها النساء ؟؟
لماذا أكل القط ألسنتكن ؟؟
لماذا تنتظرن من يأخذ بثأركن ولا تأخذن ثأركن بأنفسكن ؟؟
نحن الرجال لا نعطي شيئاً . نأكل البيضة وقشرتها . ندّعي التحضر ونحن أكثر بدائية من ضباع سيـبريا .
ندرس في جامعات أوربا ونعود أكثر توحشاً من الماو ماو . نقدم الورد لعشيقاتـنا وننشر رقبة شقيقاتـنا بالمنشار . نحن الرجال ، نضع في فمنا السيجار ونـتصرف بغريزة الجمل . نتمشى مع صديقاتـنا في حديقة عامة
وفي أعماقنا تصرخ الغابة . نتحدث عن الحرية وفي داخلنا تصطك أبواب الحريم وتخشخش مفاتيحه وأقفاله .
نحن الرجال خلاصة الأنانية وشهوة التملك والإقطاع .
نحن النفاق الذي يمشي على قدمين ، والوصولية التي تمشي على أربع .
فلماذا تسكتـن علينا أيتها النساء . لماذا ؟؟
أليس هناك واحدة منكن ، واحدة لوجه الله تستطيع أن ترد الصفعة صفعتين والكرباج كرباجين ؟؟
منذ كان الرجل وهو يتحكم بكنّ ، بأقداركن ، بأجسادكن ، بعواطفكن ، بدموعكن ، بلذتكن ،
بفراشكن...منذ أن كان الرجل وهو يحتكر لنفسه كل شيء ، يحتكر المعرفة والحكمة والذكاء والدولة والسياسة والتشريع والحب والشهوة ، يحتكر حتى غطاء السرير ..
ومن هنا لابد العثور على امرأة من هذا الشرق ، تمتلك القدرة على الصراخ ، تمتلك الجراءة على التحدث عن نفسها وعن جسدها دون أن تلطخها عقدة الذنب وفؤوس العشيرة . كان لابد العثور على واحدة . امرأة واحدة . تنزع القفل الصدئ الموضوع على فمها وترميه في وجه سجّانها . كان لابد من امرأة فدائية تقبل بمحض إرادتها أن تمدّ جسدها وسمعتها جسراً تمر عليه بنات جنسها إلى الأخرى من النهر ، إلى ضفة الحرية ..بحثت عنها طويلا هذه المرأة الشجاعة ، في المدن بحثت عنها ، في القرى بحثت عنها ، في الحقول بحثت عنها ، في مدارس البنات ، في الجامعات ، في الجمعيات النسائية ، في حفلات عرض الأزياء حيث الحرية تتحرك على مدى عشرة سنتيمترات فوق الركبة ولا تتعدها إلى قلب لابسة الثوب وإنسانيتها .
ما أضيق الحرية التي طولها عشرة سنتيمترات فقط ، ما أضيقها ؟؟
اكتشاف امرأة من هذا الطراز . كان معجزة . وجه الأعجاز فيها أنها تتكلم و تكتب أيضاً. ليس
من المنطق أن تمارس امرأة في شرقنا النطق والكتابة ، المسؤولون عن سجن النساء منعوا لسانها عن الحركة ، قطعوه وأكلوه ، أنسوها غريزة النطق ، وصادروا منها أدوات الكتابة . الكتابة التي أقصدها ليست كتابة الفروض المدرسية وأعداد الأبحاث والأطروحات الجامعية ، الجامعيات عندنا برغم كونهن يكتبن فأنهن
لا يكتبن ، برغم كونهن ينطقن فإنهن لا ينطقن . بر غم كون الخـنجر مزروعاً في ظهورهن فإنهن
لا يصرخن . أنا لا أومن بحرية تنفصل عن النطق والسلوك ، حرية المرأة هي أن تسقط في الماء بكامل ملابسها
لا أن تتنزه في حديقة الجامعة وهي تتأبط الكراريس المدرسية . الحرية جواد أبيض لا يستطيع ركوبه
إلا الشجعان ، قلعة لا تفتح أبوابها إلا للمقاتلين ، العبودية سهلة ، إنها جسد مشلول يتعاطى الحبوب المنومة ،
أما الحرية فوجع أبدي لا يريح ولا يستريح .
في شتاء عام 1958 عثرت على هذه المرأة الكنز ، أرتني جروحها ، أرتني مكان المسامير على نهديها ،
أرتني أثار الكرباج على ظهرها ، أرتني أوراقها ، حكت لي كل شيء ، تحدثت بلا نظام ولا ترتيب ، تحدثت بشفتيها وأهدابها ودموعها وأظافرها ، تحدثت بلين وشراسة ، بطفولة ووحشية ، بحقد وغفران ، بكفر وإيمان ، باحتقار وسخرية ، بهدوء وعصبية ، بشجاعة وتحدٍ .. تكلمت بطلاقة من قضى آلاف السنين ممنوعا عن الكلام ، تكلمت بحماسة طير وجد أمامه فرصة للهرب . كانت المرأة تأتيني كل مساء في شتاء عام 1958 وكنت يومئذ ديبلوماسيا في الصين ، شتاء كامل وأنا أستقبل هذه المرأة دون أن يخطر ببالي مرة أن أسألها ما اسمها ؟ أين تسكن ؟ ماهي مدينتها ؟ كان حضورها أقوى من كل أسئلتي ، وكانت قضيتها أكبر من التفاصيل والعناوين والأسماء ، وذهبت هذه المرأة وأنا لا أعرف عنها سوى أنها كانت جميلة ورائعة وشجاعة .
ذهبت ولم تترك سوى بصماتها على جدران حجرتي ، وسوى حزمة أوراق ممدودة على طاولتي على شكل جرح ،
ظلت هذه اليوميات نائمة في درج طاولتي عشر سنوات ، كانت وصية صاحبتها لي قبل أن تذهب أن لا أنشر يومياتها ، وبعد عشر سنوات قررت فجاءة أن أخون صاحبة اليوميات وأنشر كلامها على الدنيا ..
لماذا لا أخونها ؟؟
إن ما كتبته لا يخصها وحدها ، فهي عندما تتحدث عن حزنها فإنها تتحدث عن كل الحزن ، وعندما تتحدث عن جسدها فإنما تتحدث عن كل الأجساد ، وعندما تتحدث عن وجدها وحبها وكرها وشهوتها فإنما تتحدث عن وجد وحب وكره وشهوة النساء جمعياً .. من هذه الزاوية أستطيع أن ابرر خيانتي لهذه المرأة ، لأنني أعتبر هذه اليوميات مصدراً من مصادر النفع العام كالتماثيل والمتاحف والحدائق العامة يجب أن يرها كل إنسان .
نعم ، لقد خنت متعمدا هذه المرأة عندما نشرتُ يومياتها ، وللمرة الأولى أحب خيانتي وأتلذذ بمذاقها .
(( اليوميات )) عمل من أعمال السخط والتحدي ، سخط على التاريخ وتحدٍ له في منتصف الشارع . ثم هي رفض لوضع تاريخي واجتماعي ووراثي مهـين ومستمر في زوايا كثيرة من عالمنا العربي . قد لا ينطبق وضع اللامبالية مئة بالمئة على وضع المرأة البـيروتية التي تسكن شارع الحمراء أو الدمشقية التي تقطن حي أبي رمانة أو القاهرية التي تسكن الزمالك ، فقضية المرأة الشرقية لا تنحصر بثلاث مدن وثلاثة شوارع . لقد اخترت نموذجي من قرانا وأحيائـنا الشعبية وبوادينا حيث لا تـزال المرأة تُـقايض بالنوق والماعز ، وتوزن كأكياس الطحين ، وتقوم خلال حياتها بزيارتين .. بزيارتين لا ثالث لهما ، واحدة لبيت لزوجها والثانية لـلـقبر .
من أجل ماذا كتبت (( اليوميات )) من أجل من ؟؟
من أجل الحربة .
كتابي هو كتاب الحرية ..
والحرية التي أطلبها للمرأة هي حرية الحب ، حرية أن تقول لرجل يروق لها : (( أنني أحبك )) دون أن تقوم القيامة عليها ، ودون أن يُرمى رأسها في تـنكة الزبالة . حرية أن تقول كل ما تقوله العصافير و الأرانب والحمائم في حالات وجدها العاطفي وعشقها والتحامها العاطفي . أطالب بنزع الأقفال عن شفتيها ، وإنهاء حالة النفاق الكبــير الذي تعيش فيه . نعم ، النفاق الكبـير ، فالمرأة الشرقية مستودع نفاق كبـير فوجهها وجهان ، ونفسها نفسان ، وخارجها وداخلها متناقضان ، تقول شيئاً وتضمر غيره وتحب رجلاً وتتزوج سواه بسرعة النسانيس .
أنها تحتال على الحب وتكذب وتغش ، لأن مجتمعنا علّمها أن تكون محتالة وكاذبة وغشاشة ، ومادام مجتمعنا ينظر إلى الحب نظرته إلى حشيشة الكيف ، ومادامت كتابة رسالة حب تكلف صاحبتها الوصول إلى حبل المشنقة فسوف تستمر الازدواجية واللصوصية والتهريب العاطفي ويظل الحب في بلادنا غلاما بلا نسب يطرق الأبواب ولا يجد من يفتح له . نحن مجتمع بلا عافية لأننا لا نعرف أن نحب ، لأننا نطارد الحب بكل ما لدينا من فؤوس ومطارق وبوار يد عثمانية قديمة ..
أما لماذا نشرت (( اليوميات )) في هذا الوقت بالذات ؟؟
لماذا اخترت هذا الجو المشبع برائحة البارود والرصاص لأفجر هذه الثورة الجنسية ؟؟
السبب هو أن ثورة يقوم بها الجيل العربي الجديد لا تأخذ بعين الاعتبار تحرير هذا الجيل من بعبع الجنس وأفاعيه وعقده الطاحنة ، تبقى ثورة في الفراغ ، ثورة خارج الأرض وخارج الإنسان .
مادام جسد المرأة العربية مسيجاً بالرعب والعيب والخرافة ومادام فكر الرجل العربي يمضغ كالجمل غلافات المجلات العارية ويعتبر جسد المرأة منطقة من مناطق النفوذ والغزو والفتوحات المقدسة ، فلن يكتب النصر أبداً ، لأننا عاجزون عن الانـتصار على أنفسنا .
مخطئ من يظن أن هزيمة حزيران كانت هزيمة عسكرية فقط ، فحزيران كان هزيمة للجسد العربي أيضا ،
هذا الجسد المحتقن ، المتوتر ، الشاحب الذي لا يعرف ماذا يفعل وإلى أين يذهب ، الجسد العربي هُزم لأن المحارب لا يستطيع أن يحارب إلا إذا كان في سلام مع جسده . نحن بحاجة أن نتصالح مع أجسادنا .. أن نـلـتقي بها ..
فنحن نعيش في قارة وأجسادنا تعيش في قارة أخرى .
كل ثورة عربية يجب أن تضع في حسابها إعادة الحوار الطبيعي بيننا وبـين أجسادنا ، وإعادة الحب إلى مكانـته
الطبيعية كـفعالية إنسانية مبدعة وخلاّقة ، لا كلـصٍ خارج عن القانون تلاحقه شرطة الآداب العامة .
ما لم نفتح أمام الحب الضوء الأخضر فسوف نظل مرتبكين ومعقّدين ومفلوجين على الأرض كسيارة فرغت بطاريتها .. ما لم نفتح للحب نوافذنا فسوف نـظل نباتات شوكية لا تورق ولا تزهر ، وتظل قلوبنا قارات من الملح
لا يخرج منها أي غصن أخضر .
ما لم يصبح الحب عاطفة سوية وطبيعية في بلادنا فسنظل كلـنا - رجالا ونساء – غير طبيعيين وغير سويـين وعاجزين عن القيام بأي إنجاز حضاري عظيم .
يصدر (( يوميات امرأة لا مبالية )) في عصر الـثورات ، لذلك فإنه يحمل عنف الـثورة وجرأتها واستماتـتها .
تلاميذ العالم يضربون أسوار العالم القديم ، يقلعون أعمدته ، تلاميذ العالم يـبصقون على كل الأوثان ويركلونها بأقدامهم . التلاميذ يريدون أن يغيروا العالم ، أن يخترعوه من جديد ، العالم القديم يترنح بجامعاته وأساتذته وكتبه وفلسفاته وأخلاقياته ومواعظه ، لم يعد أحد يخاف أحداً ، سقطت كل اللافـتات تحت الأرجل ، ولم يبق سوى
لافتة واحدة يحملها الإنسان المعاصر ، هي لافتة الحرية .
ولأنني مع الحرية حتى النفس الأخير أصدرت (( اليوميات )) .
ولأن أصابعي حرية ، وورقي حرية ، وحبري حرية أصدرت (( اليوميات )) .
كان بـإمكاني بالطبع أن أسجن (( اليوميات )) عشر سنوات أخرى في جواريري ، كان بـإمكاني أن أحرقها لكنني لم أتعود حرق أفكاري ، ربما قال قائل : وهل هذا وقت الحديث عن الحب والجنس ونحن غارقون في المأساة حتى الركب ؟ ومرة أخرى أقول إن هذا وقت كل شيء .. وقت الانقضاض على كل شيء .
لأنه الوقت الذي يحاول فيه الإنسان العربي أن يُغـّير ويتغـّير .
والجنس هو واحد من همومنا الكبـيرة ، بل هو أكبر همومنا على الإطلاق ، ولن يكون هناك تغـّير حقيقي إذا بقي الورم الجنسي ينهش حياتنا وجماجمنا ، نحن بحاجة إلى كسر خرافة الجنس ، والنظر أليه نظرة حضارية وعلمية
فليس من المعقول أن نكون على أعتاب القرن الحادي والعشرين ولا نزال ننظر إلى الجنس نظرة البدوي إلى فراش
بكل ما فيها من ضيق وجوع ، وننظر إلى جسد الأنثى كساحة حرب وميدان وثأر .
نريد أن نرد جسد الأنثى أليها ، فهو حتى الآن ملك التاريخ والأعراف والمؤسسات الدينية والدنيوية تـتصرف به على كيفها وتضع له قوانـين سلوكه قبل أن يولد .. نريد أن نخلّص جسد الأنثى من المزايدات الأخلاقية والعنتريات ،
فالرجل الشرقي - وهذا أخطر ما في القضية - يربط كل أخلاقياته بجسد المرأة لا بأخلاقياته هو ، فهو يكذب ويسرق ويزوّر ويقـتل ويسلخ على الطريق العام ويبقى أطهر من ماء السماء حتى يـعثر في درج أبنته على
مكتوب غرام فيشدها من ضفائرها ويذبحها كالدجاجة ويـلقي قصيدة شعر أمام قاضي التحقيق .
سيقول المتزمتون إني أحرض النساء على الحب ، الواقع أنني لا أخاف التهمة ولا أرفضها ، بل أنـني أباهي بها الخلق
يوم القيامة ، فالتحريض على الحب هو تحريض على السمو والنقاء والبراءة والطفولة والعافية .
إنـني أحرضكن على أجمل ما فيكنّ ، وأطهر ما فيكنّ ، وأنبل ما فيكنّ .
إنـني أحرضكنّ على الارتـفاع إلى مستوى الإنسان ، فنحن نبقى تحت مستوى الإنسان حتى نحب .
وهذه الليلة ستكون ليلة التحريض على الحب .. يـعني ليلة الإنسانية

رسالة من نزار قباني للمرأة العربية - عماد الربيعى

إلى ذكرى روح الأب والمعلم نزار قباني ..

أتشرف عزيزي القارئ .. عزيزتي القارئة
بجمع وأعداد هذه المقالة
وهي مقدمة لديوان شاعر الإنسانية الأكبر السيد نزار قباني ( يوميات امرأة لا مبالية )
وقد كانت بالأساس الكلمة التي ألقاها الشاعر
على جمع من الطالبات
في الجامعة الأميركية في بيروت ..

(( يوميات امرأة لامبالية )) هو كتابكن ، هو كتاب كل امرأ ة حكم عليها هذا الشرق الغبي الجاهل المعقّد بالإعدام ونفذ حكمه فيها قبل أن تفتح فمها . ولأن هذا الشرق غبي وجاهل يضطر رجل مثلي أن يلبس ثياب امرأة ، ويستعير كحلها وأساورها ليكتب عنها . أليس من مفارقات القدر أن أصرخ أنا بلسان النساء
ولا تستطيع النساء أن يصرخن بأصواتهن الطبيعية . ثم أليس من مفارقات المضحكة ، أن آتي إلى قاعة الوست هول لأشرح لكنّ أيتها المباليات مشاكل هذه اللامبالية النفسية والجسدية ..
لماذا تصمتن أيتها النساء ؟؟
لماذا أكل القط ألسنتكن ؟؟
لماذا تنتظرن من يأخذ بثأركن ولا تأخذن ثأركن بأنفسكن ؟؟
نحن الرجال لا نعطي شيئاً . نأكل البيضة وقشرتها . ندّعي التحضر ونحن أكثر بدائية من ضباع سيـبريا .
ندرس في جامعات أوربا ونعود أكثر توحشاً من الماو ماو . نقدم الورد لعشيقاتـنا وننشر رقبة شقيقاتـنا بالمنشار . نحن الرجال ، نضع في فمنا السيجار ونـتصرف بغريزة الجمل . نتمشى مع صديقاتـنا في حديقة عامة
وفي أعماقنا تصرخ الغابة . نتحدث عن الحرية وفي داخلنا تصطك أبواب الحريم وتخشخش مفاتيحه وأقفاله .
نحن الرجال خلاصة الأنانية وشهوة التملك والإقطاع .
نحن النفاق الذي يمشي على قدمين ، والوصولية التي تمشي على أربع .
فلماذا تسكتـن علينا أيتها النساء . لماذا ؟؟
أليس هناك واحدة منكن ، واحدة لوجه الله تستطيع أن ترد الصفعة صفعتين والكرباج كرباجين ؟؟
منذ كان الرجل وهو يتحكم بكنّ ، بأقداركن ، بأجسادكن ، بعواطفكن ، بدموعكن ، بلذتكن ،
بفراشكن...منذ أن كان الرجل وهو يحتكر لنفسه كل شيء ، يحتكر المعرفة والحكمة والذكاء والدولة والسياسة والتشريع والحب والشهوة ، يحتكر حتى غطاء السرير ..
ومن هنا لابد العثور على امرأة من هذا الشرق ، تمتلك القدرة على الصراخ ، تمتلك الجراءة على التحدث عن نفسها وعن جسدها دون أن تلطخها عقدة الذنب وفؤوس العشيرة . كان لابد العثور على واحدة . امرأة واحدة . تنزع القفل الصدئ الموضوع على فمها وترميه في وجه سجّانها . كان لابد من امرأة فدائية تقبل بمحض إرادتها أن تمدّ جسدها وسمعتها جسراً تمر عليه بنات جنسها إلى الأخرى من النهر ، إلى ضفة الحرية ..بحثت عنها طويلا هذه المرأة الشجاعة ، في المدن بحثت عنها ، في القرى بحثت عنها ، في الحقول بحثت عنها ، في مدارس البنات ، في الجامعات ، في الجمعيات النسائية ، في حفلات عرض الأزياء حيث الحرية تتحرك على مدى عشرة سنتيمترات فوق الركبة ولا تتعدها إلى قلب لابسة الثوب وإنسانيتها .
ما أضيق الحرية التي طولها عشرة سنتيمترات فقط ، ما أضيقها ؟؟
اكتشاف امرأة من هذا الطراز . كان معجزة . وجه الأعجاز فيها أنها تتكلم و تكتب أيضاً. ليس
من المنطق أن تمارس امرأة في شرقنا النطق والكتابة ، المسؤولون عن سجن النساء منعوا لسانها عن الحركة ، قطعوه وأكلوه ، أنسوها غريزة النطق ، وصادروا منها أدوات الكتابة . الكتابة التي أقصدها ليست كتابة الفروض المدرسية وأعداد الأبحاث والأطروحات الجامعية ، الجامعيات عندنا برغم كونهن يكتبن فأنهن
لا يكتبن ، برغم كونهن ينطقن فإنهن لا ينطقن . بر غم كون الخـنجر مزروعاً في ظهورهن فإنهن
لا يصرخن . أنا لا أومن بحرية تنفصل عن النطق والسلوك ، حرية المرأة هي أن تسقط في الماء بكامل ملابسها
لا أن تتنزه في حديقة الجامعة وهي تتأبط الكراريس المدرسية . الحرية جواد أبيض لا يستطيع ركوبه
إلا الشجعان ، قلعة لا تفتح أبوابها إلا للمقاتلين ، العبودية سهلة ، إنها جسد مشلول يتعاطى الحبوب المنومة ،
أما الحرية فوجع أبدي لا يريح ولا يستريح .
في شتاء عام 1958 عثرت على هذه المرأة الكنز ، أرتني جروحها ، أرتني مكان المسامير على نهديها ،
أرتني أثار الكرباج على ظهرها ، أرتني أوراقها ، حكت لي كل شيء ، تحدثت بلا نظام ولا ترتيب ، تحدثت بشفتيها وأهدابها ودموعها وأظافرها ، تحدثت بلين وشراسة ، بطفولة ووحشية ، بحقد وغفران ، بكفر وإيمان ، باحتقار وسخرية ، بهدوء وعصبية ، بشجاعة وتحدٍ .. تكلمت بطلاقة من قضى آلاف السنين ممنوعا عن الكلام ، تكلمت بحماسة طير وجد أمامه فرصة للهرب . كانت المرأة تأتيني كل مساء في شتاء عام 1958 وكنت يومئذ ديبلوماسيا في الصين ، شتاء كامل وأنا أستقبل هذه المرأة دون أن يخطر ببالي مرة أن أسألها ما اسمها ؟ أين تسكن ؟ ماهي مدينتها ؟ كان حضورها أقوى من كل أسئلتي ، وكانت قضيتها أكبر من التفاصيل والعناوين والأسماء ، وذهبت هذه المرأة وأنا لا أعرف عنها سوى أنها كانت جميلة ورائعة وشجاعة .
ذهبت ولم تترك سوى بصماتها على جدران حجرتي ، وسوى حزمة أوراق ممدودة على طاولتي على شكل جرح ،
ظلت هذه اليوميات نائمة في درج طاولتي عشر سنوات ، كانت وصية صاحبتها لي قبل أن تذهب أن لا أنشر يومياتها ، وبعد عشر سنوات قررت فجاءة أن أخون صاحبة اليوميات وأنشر كلامها على الدنيا ..
لماذا لا أخونها ؟؟
إن ما كتبته لا يخصها وحدها ، فهي عندما تتحدث عن حزنها فإنها تتحدث عن كل الحزن ، وعندما تتحدث عن جسدها فإنما تتحدث عن كل الأجساد ، وعندما تتحدث عن وجدها وحبها وكرها وشهوتها فإنما تتحدث عن وجد وحب وكره وشهوة النساء جمعياً .. من هذه الزاوية أستطيع أن ابرر خيانتي لهذه المرأة ، لأنني أعتبر هذه اليوميات مصدراً من مصادر النفع العام كالتماثيل والمتاحف والحدائق العامة يجب أن يرها كل إنسان .
نعم ، لقد خنت متعمدا هذه المرأة عندما نشرتُ يومياتها ، وللمرة الأولى أحب خيانتي وأتلذذ بمذاقها .
(( اليوميات )) عمل من أعمال السخط والتحدي ، سخط على التاريخ وتحدٍ له في منتصف الشارع . ثم هي رفض لوضع تاريخي واجتماعي ووراثي مهـين ومستمر في زوايا كثيرة من عالمنا العربي . قد لا ينطبق وضع اللامبالية مئة بالمئة على وضع المرأة البـيروتية التي تسكن شارع الحمراء أو الدمشقية التي تقطن حي أبي رمانة أو القاهرية التي تسكن الزمالك ، فقضية المرأة الشرقية لا تنحصر بثلاث مدن وثلاثة شوارع . لقد اخترت نموذجي من قرانا وأحيائـنا الشعبية وبوادينا حيث لا تـزال المرأة تُـقايض بالنوق والماعز ، وتوزن كأكياس الطحين ، وتقوم خلال حياتها بزيارتين .. بزيارتين لا ثالث لهما ، واحدة لبيت لزوجها والثانية لـلـقبر .
من أجل ماذا كتبت (( اليوميات )) من أجل من ؟؟
من أجل الحربة .
كتابي هو كتاب الحرية ..
والحرية التي أطلبها للمرأة هي حرية الحب ، حرية أن تقول لرجل يروق لها : (( أنني أحبك )) دون أن تقوم القيامة عليها ، ودون أن يُرمى رأسها في تـنكة الزبالة . حرية أن تقول كل ما تقوله العصافير و الأرانب والحمائم في حالات وجدها العاطفي وعشقها والتحامها العاطفي . أطالب بنزع الأقفال عن شفتيها ، وإنهاء حالة النفاق الكبــير الذي تعيش فيه . نعم ، النفاق الكبـير ، فالمرأة الشرقية مستودع نفاق كبـير فوجهها وجهان ، ونفسها نفسان ، وخارجها وداخلها متناقضان ، تقول شيئاً وتضمر غيره وتحب رجلاً وتتزوج سواه بسرعة النسانيس .
أنها تحتال على الحب وتكذب وتغش ، لأن مجتمعنا علّمها أن تكون محتالة وكاذبة وغشاشة ، ومادام مجتمعنا ينظر إلى الحب نظرته إلى حشيشة الكيف ، ومادامت كتابة رسالة حب تكلف صاحبتها الوصول إلى حبل المشنقة فسوف تستمر الازدواجية واللصوصية والتهريب العاطفي ويظل الحب في بلادنا غلاما بلا نسب يطرق الأبواب ولا يجد من يفتح له . نحن مجتمع بلا عافية لأننا لا نعرف أن نحب ، لأننا نطارد الحب بكل ما لدينا من فؤوس ومطارق وبوار يد عثمانية قديمة ..
أما لماذا نشرت (( اليوميات )) في هذا الوقت بالذات ؟؟
لماذا اخترت هذا الجو المشبع برائحة البارود والرصاص لأفجر هذه الثورة الجنسية ؟؟
السبب هو أن ثورة يقوم بها الجيل العربي الجديد لا تأخذ بعين الاعتبار تحرير هذا الجيل من بعبع الجنس وأفاعيه وعقده الطاحنة ، تبقى ثورة في الفراغ ، ثورة خارج الأرض وخارج الإنسان .
مادام جسد المرأة العربية مسيجاً بالرعب والعيب والخرافة ومادام فكر الرجل العربي يمضغ كالجمل غلافات المجلات العارية ويعتبر جسد المرأة منطقة من مناطق النفوذ والغزو والفتوحات المقدسة ، فلن يكتب النصر أبداً ، لأننا عاجزون عن الانـتصار على أنفسنا .
مخطئ من يظن أن هزيمة حزيران كانت هزيمة عسكرية فقط ، فحزيران كان هزيمة للجسد العربي أيضا ،
هذا الجسد المحتقن ، المتوتر ، الشاحب الذي لا يعرف ماذا يفعل وإلى أين يذهب ، الجسد العربي هُزم لأن المحارب لا يستطيع أن يحارب إلا إذا كان في سلام مع جسده . نحن بحاجة أن نتصالح مع أجسادنا .. أن نـلـتقي بها ..
فنحن نعيش في قارة وأجسادنا تعيش في قارة أخرى .
كل ثورة عربية يجب أن تضع في حسابها إعادة الحوار الطبيعي بيننا وبـين أجسادنا ، وإعادة الحب إلى مكانـته
الطبيعية كـفعالية إنسانية مبدعة وخلاّقة ، لا كلـصٍ خارج عن القانون تلاحقه شرطة الآداب العامة .
ما لم نفتح أمام الحب الضوء الأخضر فسوف نظل مرتبكين ومعقّدين ومفلوجين على الأرض كسيارة فرغت بطاريتها .. ما لم نفتح للحب نوافذنا فسوف نـظل نباتات شوكية لا تورق ولا تزهر ، وتظل قلوبنا قارات من الملح
لا يخرج منها أي غصن أخضر .
ما لم يصبح الحب عاطفة سوية وطبيعية في بلادنا فسنظل كلـنا - رجالا ونساء – غير طبيعيين وغير سويـين وعاجزين عن القيام بأي إنجاز حضاري عظيم .
يصدر (( يوميات امرأة لا مبالية )) في عصر الـثورات ، لذلك فإنه يحمل عنف الـثورة وجرأتها واستماتـتها .
تلاميذ العالم يضربون أسوار العالم القديم ، يقلعون أعمدته ، تلاميذ العالم يـبصقون على كل الأوثان ويركلونها بأقدامهم . التلاميذ يريدون أن يغيروا العالم ، أن يخترعوه من جديد ، العالم القديم يترنح بجامعاته وأساتذته وكتبه وفلسفاته وأخلاقياته ومواعظه ، لم يعد أحد يخاف أحداً ، سقطت كل اللافـتات تحت الأرجل ، ولم يبق سوى
لافتة واحدة يحملها الإنسان المعاصر ، هي لافتة الحرية .
ولأنني مع الحرية حتى النفس الأخير أصدرت (( اليوميات )) .
ولأن أصابعي حرية ، وورقي حرية ، وحبري حرية أصدرت (( اليوميات )) .
كان بـإمكاني بالطبع أن أسجن (( اليوميات )) عشر سنوات أخرى في جواريري ، كان بـإمكاني أن أحرقها لكنني لم أتعود حرق أفكاري ، ربما قال قائل : وهل هذا وقت الحديث عن الحب والجنس ونحن غارقون في المأساة حتى الركب ؟ ومرة أخرى أقول إن هذا وقت كل شيء .. وقت الانقضاض على كل شيء .
لأنه الوقت الذي يحاول فيه الإنسان العربي أن يُغـّير ويتغـّير .
والجنس هو واحد من همومنا الكبـيرة ، بل هو أكبر همومنا على الإطلاق ، ولن يكون هناك تغـّير حقيقي إذا بقي الورم الجنسي ينهش حياتنا وجماجمنا ، نحن بحاجة إلى كسر خرافة الجنس ، والنظر أليه نظرة حضارية وعلمية
فليس من المعقول أن نكون على أعتاب القرن الحادي والعشرين ولا نزال ننظر إلى الجنس نظرة البدوي إلى فراش
بكل ما فيها من ضيق وجوع ، وننظر إلى جسد الأنثى كساحة حرب وميدان وثأر .
نريد أن نرد جسد الأنثى أليها ، فهو حتى الآن ملك التاريخ والأعراف والمؤسسات الدينية والدنيوية تـتصرف به على كيفها وتضع له قوانـين سلوكه قبل أن يولد .. نريد أن نخلّص جسد الأنثى من المزايدات الأخلاقية والعنتريات ،
فالرجل الشرقي - وهذا أخطر ما في القضية - يربط كل أخلاقياته بجسد المرأة لا بأخلاقياته هو ، فهو يكذب ويسرق ويزوّر ويقـتل ويسلخ على الطريق العام ويبقى أطهر من ماء السماء حتى يـعثر في درج أبنته على
مكتوب غرام فيشدها من ضفائرها ويذبحها كالدجاجة ويـلقي قصيدة شعر أمام قاضي التحقيق .
سيقول المتزمتون إني أحرض النساء على الحب ، الواقع أنني لا أخاف التهمة ولا أرفضها ، بل أنـني أباهي بها الخلق
يوم القيامة ، فالتحريض على الحب هو تحريض على السمو والنقاء والبراءة والطفولة والعافية .
إنـني أحرضكن على أجمل ما فيكنّ ، وأطهر ما فيكنّ ، وأنبل ما فيكنّ .
إنـني أحرضكنّ على الارتـفاع إلى مستوى الإنسان ، فنحن نبقى تحت مستوى الإنسان حتى نحب .
وهذه الليلة ستكون ليلة التحريض على الحب .. يـعني ليلة الإنسانية

Sunday, July 24, 2005

فتش عن القاعدة

مايحدث فى العالم هذه الأيام من هجمات وتفجيرات إنتحارية لا يمكن بحال من الأحوال تجاهله والصمت إزائه ، فالعمليات الإجرامية التى إرتكبها رعاع القاعدة تستهدف أساسا القضاء على السلم والأمن الدوليين وتحويل العالم إلى ساحة واسعة للصراع تسفك فيها دماء الأبرياء إرضاءا لشهوات أمراء الإنتقام من الإسلاميين المتطرفين الذين عبر - بوقاحة - عن شهواتهم الدموية تلك أحد كبار قادة الإرهاب الإسلامى فى عصر مضى من الزمان مخاطبا أحد قادة جيوش الرومان فى موقعة اليرموك :- " إنه لم يخرجنا من ديارنا ماذكرت ، غير أنا قوم نشرب الدماء ، وأنه بلغنا أن لادم أطيب من دم الروم فجئنا لذالك " !! .
فماحدث بالأمس القريب فى مدينة شرم الشيخ وخليج نعمة من تفجيرات إرهابية وترويع للآمنين وإستهداف للمناطق السياحية التى تعد العصب الرئيسى للإقتصاد المصرى المتداعى ، وماحدث فى أكتوبر الماضى من تفجيرات فى منتجع طابا السياحى المصرى ، وماحدث منذ أيام قليلة فى العاصمة البريطانية ، وماتعيشه العراق بصورة يومية من عمليات ذبح وقتل وتفجير ، وماحدث منذ أربعة أعوام من هجمات على الولايات المتحدة ؛ إستهدف كل هذا أمن المواطنين الأبرياء العزل الذين لا حول لهم ولا قوة تجاه ماحدث ولا ذنب إقترفوه لينالوا جزاؤه هذا العقاب الجماعى البربرى الهمجى اللاإنسانى الذى لا يعبر إلا عن خسة وحقارة وقسوة تلك الذئاب البشرية المتمترسة خلف عباءات الإسلام الفضفاضة ، والتى تظن أن أعمالها القذرة تلك سوف تساعدها على توحيد العالم وحكمه بالحديد والنار والشريعة الهمجية البربرية التى يستندون إليها لتبرير أفعالهم الوحشية والتى لا تجد لها سندا من العقل ولا مبررا من المنطق ولا وازعا من الأخلاق .
إن الهجوم الوحشى الذى تعرضت له مدينة شرم الشيخ - التى كانت آمنة - لهو أكبر دليل على هذه القسوة والوحشية والدم البارد الذى يتمتع به هؤلاء الهمج الرعاع الذين يتمنون من أعماقهم أن ترتد البشرية القهقرى أربعة عشر قرنا من الزمان لتعيش فى العصور الإسلامية الهمجية المظلمة وتتحول الدنيا على أياديهم القذرة النجسة إلى غابة يسيطر فيها الأقوياء ويخضع فيها الضعفاء وتصبح القوة العضلية هى المرجع الذى يحتكم إليه فى الخلافات التى تنشب بين الناس بدلا من العقل الذى يفترض أن يكون هو المرجع الأساسى للفكر الإنسانى الراقى المستنير .
إن كل مصيبة وكارثة إرهابية تحدث فى أى بقعة من بقاع العالم نجد القاعدة على الفور تقف ورائها فى تحد صريح لكافة القيم والمعايير الإنسانية ، فما يحدث يوميا بالعراق من جرائم بشعة كعمليات الإعدام التى تنفذ بحق الرهائن الذين كان آخرهم الدكتور إيهاب الشريف رئيس البعثة الدبلوماسية المصرية فى بغداد ، وما حدث منذ أيام قلائل فى لندن ، كل هذا يدل على الوجه العفن الذى يبديه لنا أقطاب هذا التنظيم الإرهابى الذى نجح - مع الأسف الشديد - فى التغلغل بين الشعوب العربية والإسلامية ، بل وبين الجاليات المسلمة فى العالم الغربى ، وجعل كل واحد منا ينظر بعين الريبة والحذر إلى كل من يتعامل معه خشية أن يكون عميلا مجندا لهذا التنظيم الإجرامى .
إننى لن أمل التأكيد على أن العالم قد بات ينقسم إلى معسكرين إثنين لا ثالث لهما ، فعلى كل منا أن يحدد موقفه : - هل يقف فى خندق الإرهاب أم فى معسكر السلام ؟؟ ، ليس هناك مجال للحياد والمواقف السلبية ، فما يحدث الآن لا يمكن الصمت حياله لأن الصمت لا يعنى سوى موافقة ضمنية على هذه الأعمال البربرية الهمجية ، فعلى كل منا أن يحدد مع من يقف ، ليعرف كل طرف حجمه وقوته ومدى قدرته على دحر الطرف الآخر ، فالصراع الآن ليس صراعا من اجل كسب الوقت وإنما هو صراع من أجل البقاء ، من أجل أن نكون أو لا نكون ، من أجل أن نختار مايمكن أن نكون عليه غدا : هل سنكون آدميين حقيقيين أم سنتحول إلى مصاصى دماء لا رحمة فى قلوبهم ؟؟ ، لا توجد خيارات أخرى ، فالوضع الآن متأزم ولا يسمح بالمماطلة أو تضييع الوقت لأن كل الأوراق أضحت مكشوفة ، والكل يعلم جيدا مفردات الصراع والمبادىء التى يحتكم إليها كل طرف من الأطراف ولم تعد تفاصيل اللعبة خافية على أحد .
إن زمن التهاون مع الإرهاب قد ولى إلى غير رجعة وماحدث بالأمس أثبت أن الحرب على الإرهاب قد أضحت حربا دولية ، فالقاعدة قد نجحت فى جذب جميع دول العالم إلى حلبة الصراع ولا يمكن لدولة ما أن تدعى أنها تقف على الحياد أو أن موقفها من الأحداث لا يتعدى كونه كموقف المتفرج على مباراة لكرة القدم ، فالمصائب والكوارث الإرهابية المتلاحقة سوف تطول الجميع بلا إستثناء إذا لم يتحرك العالم المتحضر ويتصدى بقوة وحسم لهذه العصابات الإجرامية الهمجية .
إننا يجب أن نعترف أن الحرب على الإرهاب ليست معركة يسيرة لأن العدو هنا ليس عدوا تقليديا يمكن القضاء عليه بسهولة وإنما هو عدو غير عادى يستخدم أساليب غير تقليدية ليحقق من خلالها مكاسب معنوية ، وبالطبع فإنه لا يمكن أن يواجه بذات الأساليب الهمجية التى يواجهنا بها وإنما الحل يكمن فى أن نحاول إدراك أبعاد المشكلة جيدا ونحاول منع إنتشار المد الإرهابى بالحجر على هذه الأفكار الرجعية ومنعها من التغلغل إلى عقول الشباب وإعطاء الفرصة للكتاب والمفكرين المتنورين لكى يستعيدوا دورهم البناء الذى إفتقدوه منذ أن غزت الأفكار الإرهابية المصحوبة بعوائد النفط عقول شبابنا وحولتهم إلى قنابل موقوتة تنتظر ضغطة زر لكى تنفجر وتدمر كل مكاسب الحضارة الإنسانية الحديثة .
لقد آن الأوان لنا لكى نعرف عدونا الحقيقى ، العدو الذى يتربص بنا الدوائر ويحيك لنا المؤامرات ويدبر لنا المكائد ، ويتصيد الفرص للإنقضاض علينا والنيل منا وتدميرنا فكريا وماديا .
إن القاعدة ليست مجرد تنظيم إرهابى أنشأه المنشق السعودى أسامة بن لادن قبل عدة سنوات ، وإنما هى أفكار مطروحة منذ مايناهز أربعة عشر قرنا من الزمان ، فالقاعدة ليست وليدة اليوم ، وإنما يرجع وجودها إلى اللحظة التى عبر فيها خالد بن الوليد عن رغبته الفاضحة فى الإرتواء بدماء الروم .
إن القاعدة ليست وليدة اليوم ، وإنما تعود جذورها إلى اللحظة التى جمع فيها خالد بن الوليد رجالا من بنى سليم فى حظائر ثم أحرقهم داخلها .
إن القاعدة ليست وليدة اليوم ، وإنما تعود أفكارها إلى يوم العيد الذى ذبح فيه والى الكوفة خالد بن عبدالله القسرى الجعد بن درهم أسفل منبر خطبة العيد كأضحية يتقرب بدمها إلى الله !! .
إن القاعدة ليست وليدة اليوم ، وإنما تعود أفكارها الى اللحظة التى قتل فيها أسلم بن أحوز الجهم بن صفوان .
إن القاعدة ليست وليدة اليوم ، وإنما تنتمى الى اللحظة التى أعدم فيها الحسين بن منصور الحلاج بعد أن صلب و ضرب ألف سوط وقطعت يداه ورجلاه .
إن القاعدة ليست وليدة اليوم ، وأنما تعود أفكارها إلى اليوم الذى نفى فيه الخليفة عثمان بن عفان أبى ذر الغفارى الى الربذة .
إن القاعدة ليست وليدة اليوم، وإنما تعود أفكارها الى الزمن الذى سبيت فيه نساء فارس والروم وتم تداولهن للمتعة الجنسية فى أسواق الرقيق الإسلامية .
إن القاعدة ليست وليدة اليوم ، وإنما ترجع أفكارها الى اللحظة التى حكم فيها سعد بن معاذ على يهود بنى قريظة بقتل رجالهم وسبى نسائهم وذراريهم فى تأكيد صريح لمبدأ سيادة الأقوياء .
فالقاعدة ليست مجرد تنظيم نشأ على يد أحد المتطرفين فى العصر الحاضر وإنما هى مجموعة أفكار إجرامية متطرفة أخذت فى التطور والتجدد حتى تشكلت بهذا المظهر القبيح الذى بدت به فى أيامنا تلك على أبشع صورة وأقذر هيئة عرفتها البشرية .
علينا أن نفتش جيدا عن القاعدة وسوف نجدها وراء كل المصائب والجرائم التى إرتكبت بحق الإنسانية فى دولة الخلافة الإسلامية البائدة ، والتى يريد أنصارها الآن إعادتها إلى الحياة مرة أخرى بهذه الأفكار العفنة المبادىء الخربة التى تترجم على أرض الواقع إلى قنابل بشرية وعمليات إجرامية .
عبدالكريم نبيل سليمان
24 / 7 / 2005
الإسكندرية / مصر

فتش عن القاعدة

مايحدث فى العالم هذه الأيام من هجمات وتفجيرات إنتحارية لا يمكن بحال من الأحوال تجاهله والصمت إزائه ، فالعمليات الإجرامية التى إرتكبها رعاع القاعدة تستهدف أساسا القضاء على السلم والأمن الدوليين وتحويل العالم إلى ساحة واسعة للصراع تسفك فيها دماء الأبرياء إرضاءا لشهوات أمراء الإنتقام من الإسلاميين المتطرفين الذين عبر - بوقاحة - عن شهواتهم الدموية تلك أحد كبار قادة الإرهاب الإسلامى فى عصر مضى من الزمان مخاطبا أحد قادة جيوش الرومان فى موقعة اليرموك :- " إنه لم يخرجنا من ديارنا ماذكرت ، غير أنا قوم نشرب الدماء ، وأنه بلغنا أن لادم أطيب من دم الروم فجئنا لذالك " !! .
فماحدث بالأمس القريب فى مدينة شرم الشيخ وخليج نعمة من تفجيرات إرهابية وترويع للآمنين وإستهداف للمناطق السياحية التى تعد العصب الرئيسى للإقتصاد المصرى المتداعى ، وماحدث فى أكتوبر الماضى من تفجيرات فى منتجع طابا السياحى المصرى ، وماحدث منذ أيام قليلة فى العاصمة البريطانية ، وماتعيشه العراق بصورة يومية من عمليات ذبح وقتل وتفجير ، وماحدث منذ أربعة أعوام من هجمات على الولايات المتحدة ؛ إستهدف كل هذا أمن المواطنين الأبرياء العزل الذين لا حول لهم ولا قوة تجاه ماحدث ولا ذنب إقترفوه لينالوا جزاؤه هذا العقاب الجماعى البربرى الهمجى اللاإنسانى الذى لا يعبر إلا عن خسة وحقارة وقسوة تلك الذئاب البشرية المتمترسة خلف عباءات الإسلام الفضفاضة ، والتى تظن أن أعمالها القذرة تلك سوف تساعدها على توحيد العالم وحكمه بالحديد والنار والشريعة الهمجية البربرية التى يستندون إليها لتبرير أفعالهم الوحشية والتى لا تجد لها سندا من العقل ولا مبررا من المنطق ولا وازعا من الأخلاق .
إن الهجوم الوحشى الذى تعرضت له مدينة شرم الشيخ - التى كانت آمنة - لهو أكبر دليل على هذه القسوة والوحشية والدم البارد الذى يتمتع به هؤلاء الهمج الرعاع الذين يتمنون من أعماقهم أن ترتد البشرية القهقرى أربعة عشر قرنا من الزمان لتعيش فى العصور الإسلامية الهمجية المظلمة وتتحول الدنيا على أياديهم القذرة النجسة إلى غابة يسيطر فيها الأقوياء ويخضع فيها الضعفاء وتصبح القوة العضلية هى المرجع الذى يحتكم إليه فى الخلافات التى تنشب بين الناس بدلا من العقل الذى يفترض أن يكون هو المرجع الأساسى للفكر الإنسانى الراقى المستنير .
إن كل مصيبة وكارثة إرهابية تحدث فى أى بقعة من بقاع العالم نجد القاعدة على الفور تقف ورائها فى تحد صريح لكافة القيم والمعايير الإنسانية ، فما يحدث يوميا بالعراق من جرائم بشعة كعمليات الإعدام التى تنفذ بحق الرهائن الذين كان آخرهم الدكتور إيهاب الشريف رئيس البعثة الدبلوماسية المصرية فى بغداد ، وما حدث منذ أيام قلائل فى لندن ، كل هذا يدل على الوجه العفن الذى يبديه لنا أقطاب هذا التنظيم الإرهابى الذى نجح - مع الأسف الشديد - فى التغلغل بين الشعوب العربية والإسلامية ، بل وبين الجاليات المسلمة فى العالم الغربى ، وجعل كل واحد منا ينظر بعين الريبة والحذر إلى كل من يتعامل معه خشية أن يكون عميلا مجندا لهذا التنظيم الإجرامى .
إننى لن أمل التأكيد على أن العالم قد بات ينقسم إلى معسكرين إثنين لا ثالث لهما ، فعلى كل منا أن يحدد موقفه : - هل يقف فى خندق الإرهاب أم فى معسكر السلام ؟؟ ، ليس هناك مجال للحياد والمواقف السلبية ، فما يحدث الآن لا يمكن الصمت حياله لأن الصمت لا يعنى سوى موافقة ضمنية على هذه الأعمال البربرية الهمجية ، فعلى كل منا أن يحدد مع من يقف ، ليعرف كل طرف حجمه وقوته ومدى قدرته على دحر الطرف الآخر ، فالصراع الآن ليس صراعا من اجل كسب الوقت وإنما هو صراع من أجل البقاء ، من أجل أن نكون أو لا نكون ، من أجل أن نختار مايمكن أن نكون عليه غدا : هل سنكون آدميين حقيقيين أم سنتحول إلى مصاصى دماء لا رحمة فى قلوبهم ؟؟ ، لا توجد خيارات أخرى ، فالوضع الآن متأزم ولا يسمح بالمماطلة أو تضييع الوقت لأن كل الأوراق أضحت مكشوفة ، والكل يعلم جيدا مفردات الصراع والمبادىء التى يحتكم إليها كل طرف من الأطراف ولم تعد تفاصيل اللعبة خافية على أحد .
إن زمن التهاون مع الإرهاب قد ولى إلى غير رجعة وماحدث بالأمس أثبت أن الحرب على الإرهاب قد أضحت حربا دولية ، فالقاعدة قد نجحت فى جذب جميع دول العالم إلى حلبة الصراع ولا يمكن لدولة ما أن تدعى أنها تقف على الحياد أو أن موقفها من الأحداث لا يتعدى كونه كموقف المتفرج على مباراة لكرة القدم ، فالمصائب والكوارث الإرهابية المتلاحقة سوف تطول الجميع بلا إستثناء إذا لم يتحرك العالم المتحضر ويتصدى بقوة وحسم لهذه العصابات الإجرامية الهمجية .
إننا يجب أن نعترف أن الحرب على الإرهاب ليست معركة يسيرة لأن العدو هنا ليس عدوا تقليديا يمكن القضاء عليه بسهولة وإنما هو عدو غير عادى يستخدم أساليب غير تقليدية ليحقق من خلالها مكاسب معنوية ، وبالطبع فإنه لا يمكن أن يواجه بذات الأساليب الهمجية التى يواجهنا بها وإنما الحل يكمن فى أن نحاول إدراك أبعاد المشكلة جيدا ونحاول منع إنتشار المد الإرهابى بالحجر على هذه الأفكار الرجعية ومنعها من التغلغل إلى عقول الشباب وإعطاء الفرصة للكتاب والمفكرين المتنورين لكى يستعيدوا دورهم البناء الذى إفتقدوه منذ أن غزت الأفكار الإرهابية المصحوبة بعوائد النفط عقول شبابنا وحولتهم إلى قنابل موقوتة تنتظر ضغطة زر لكى تنفجر وتدمر كل مكاسب الحضارة الإنسانية الحديثة .
لقد آن الأوان لنا لكى نعرف عدونا الحقيقى ، العدو الذى يتربص بنا الدوائر ويحيك لنا المؤامرات ويدبر لنا المكائد ، ويتصيد الفرص للإنقضاض علينا والنيل منا وتدميرنا فكريا وماديا .
إن القاعدة ليست مجرد تنظيم إرهابى أنشأه المنشق السعودى أسامة بن لادن قبل عدة سنوات ، وإنما هى أفكار مطروحة منذ مايناهز أربعة عشر قرنا من الزمان ، فالقاعدة ليست وليدة اليوم ، وإنما يرجع وجودها إلى اللحظة التى عبر فيها خالد بن الوليد عن رغبته الفاضحة فى الإرتواء بدماء الروم .
إن القاعدة ليست وليدة اليوم ، وإنما تعود جذورها إلى اللحظة التى جمع فيها خالد بن الوليد رجالا من بنى سليم فى حظائر ثم أحرقهم داخلها .
إن القاعدة ليست وليدة اليوم ، وإنما تعود أفكارها إلى يوم العيد الذى ذبح فيه والى الكوفة خالد بن عبدالله القسرى الجعد بن درهم أسفل منبر خطبة العيد كأضحية يتقرب بدمها إلى الله !! .
إن القاعدة ليست وليدة اليوم ، وإنما تعود أفكارها الى اللحظة التى قتل فيها أسلم بن أحوز الجهم بن صفوان .
إن القاعدة ليست وليدة اليوم ، وإنما تنتمى الى اللحظة التى أعدم فيها الحسين بن منصور الحلاج بعد أن صلب و ضرب ألف سوط وقطعت يداه ورجلاه .
إن القاعدة ليست وليدة اليوم ، وأنما تعود أفكارها إلى اليوم الذى نفى فيه الخليفة عثمان بن عفان أبى ذر الغفارى الى الربذة .
إن القاعدة ليست وليدة اليوم، وإنما تعود أفكارها الى الزمن الذى سبيت فيه نساء فارس والروم وتم تداولهن للمتعة الجنسية فى أسواق الرقيق الإسلامية .
إن القاعدة ليست وليدة اليوم ، وإنما ترجع أفكارها الى اللحظة التى حكم فيها سعد بن معاذ على يهود بنى قريظة بقتل رجالهم وسبى نسائهم وذراريهم فى تأكيد صريح لمبدأ سيادة الأقوياء .
فالقاعدة ليست مجرد تنظيم نشأ على يد أحد المتطرفين فى العصر الحاضر وإنما هى مجموعة أفكار إجرامية متطرفة أخذت فى التطور والتجدد حتى تشكلت بهذا المظهر القبيح الذى بدت به فى أيامنا تلك على أبشع صورة وأقذر هيئة عرفتها البشرية .
علينا أن نفتش جيدا عن القاعدة وسوف نجدها وراء كل المصائب والجرائم التى إرتكبت بحق الإنسانية فى دولة الخلافة الإسلامية البائدة ، والتى يريد أنصارها الآن إعادتها إلى الحياة مرة أخرى بهذه الأفكار العفنة المبادىء الخربة التى تترجم على أرض الواقع إلى قنابل بشرية وعمليات إجرامية .
عبدالكريم نبيل سليمان
24 / 7 / 2005
الإسكندرية / مصر

Friday, July 22, 2005

ابو جهل يشتري (فليت ستريت) - نزار قبّاني

ابو جهل يشتري (فليت ستريت)

نزار قبّاني





هل اختفت من لندن؟
باصاتها الجميلة الحمراء
وصارت النوقُ التي جئنا بها من يثرب
واسطة الركوب
في عاصمة الضباب؟



تسرّب البدو الى
قصر بكنغهام
وناموا في سرير الملكة
والانجليز، لملموا تاريخهم...
وانصرفوا..
واحترفوا الوقوف -مثلما كنا-
على الاطلال...

ها هم بنو تغلب..
في (سوهو)
وفي (فيكتوريا)...
يشمرون ذيل دشداشاتهم
ويرقصون الجاز...

هل اصبحت انجلترا؟
تصحو على ثرثرة البدو..
وسمفونية النعال؟

هل اصبحت انجلترا؟
تمشي على الرصيف، بالخِفِّ... وبالعقال؟
وتكتب الخط من اليمين للشمال..
سبحانه مغير الاحوال!!

عنترة ... يبحث طول الليل، عن رومية
بيضاء كالزبدة..
او مليسة الفخذين .. كالهلال
يأكلها كبيضة مسلوقة
من غير ملح - في مدى دقيقة-
ويرفع السروال!!

لم يبق في الباركات..
لا بط، ولا زهر، ولا اعشاب
قد سرح الماعز في ارجائها
وفرت الطيور سمائها
وانتصر الذباب ..

ها هم بنو عبس.. على مداخل المترو
يعبون كؤوس البيرة المبردة..
وينهشون قطعة..
من نهد كل سيدة..

هل سقط الكبار من كتابنا
في بورصة الريال؟
هل اصبحت انجلترا عاصمة الخلافة؟
واصبح البترول يمشي ملكا..
في شارع الصحافة؟

جرائد..
جرائد..
جرائد..
تنتظر الزبون في ناصية الشارع،
كالبغايا..
جرائد، جاءت الى لندن،
كي تمارس الحرية..
تحولت -على يد النفط-
الى سبايا..

جئنا لاوروبا..
لكي نشرب من منابع الحضارة
جئنا.. لكي نبحث عن نافذة بحرية
من بعدما سدوا علينا عنق المحارة
جئنا.. لكي نكتب حرياتنا
من بعد ان ضاقت على اجسادنا العبارة
لكننا.. حين امتلكنا صحفا،
تحولت نصوصنا
الى بيان صادر عن غرفة التجارة..

جئنا لاوروبا
لكي نستنشق الهواء
جئنا..
لكي نعرف ما الوانها السماء؟
جئنا..
هروبا من سياط القهر، والقمع،
ومن اذى داحس والغبراء..
لكننا.. لم نتأمل زهرة جميلة
ولم نشاهد مرة، حمامة بيضاء
وظلت الصحراء في داخلنا..
وظلت الصحراء..

من كل صوب.. يهجم الجراد
ويأكل الشعر الذي نكتبه..
ويشرب المداد
من كل صوب.. يهجم (الايدز) على تاريخنا
ويحصد الارواح، والاجساد
من كل صوب.. يطلقون نفطهم علينا
ويقتلون اجمل الجياد..
فكاتب مدجن..
وكاتب مستأجر..
وكاتب يباع في المزاد
هل صار زيت الكاز في بلادنا مقدسا؟
وصار للبترول في تاريخنا، نقاد؟

للواحد الأوحد.. في عليائه
تزدان كل الاغلفة
وتكتب المدائح المزيفة..
ويزحف الفكر الوصولي على جبينه
ليلثم العباءة المشرفة..
هل هذه صحافة..
ام مكتب للصيرفة؟

كل كلام عندهم، محرّم
كل كتاب عندهم، مصلوب
فكيف يستوعب ما نكتبه؟
من يقرأ الحروف بالمقلوب!!

على الذي يريد ان يفوز
في رئاسة التحرير..
عليه .. ان يبوس
ركبة الامير ..
عليه.. ان يمشي على أربعة
كي يركب الامير!!

لا يبحث الحاكم في بلادنا
عن مبدع..
وانما يبحث عن أجير..

يعطي طويل العمر.. للصحافة المرتزقة
مجموعة من الظروف المغلقة..
وبعدها..
ينفجر النباح.. والشتائم المنسقة..

ما لليساريين من كتابنا؟
قد تركوا (لينين) خلف ظهرهم
وقرروا..
ان يركبوا الجمال!!

جئنا لاوروبا..
لكي ننعم في حرية التعبير
ونغسل الغبار عن اجسادنا
ونزرع الاشجار في حدائق الضمير
فكيف اصبحنا، مع الايام،
طباخين..
في مضافة الاسكندر الكبير؟؟

كل العصافير التي
كانت تشق زرقة السماء،
في بيروت..
وتملأ الشجار والبيادر..
قد احرق البترول كبرياءها
وريشها الجميل..
والحناجر..
فهي على سقوف لندن..
تموت..

يستعملون الكاتب الاخير.. في اغراضهم
كربطة الحذاء..
وعندما يستنزفون حبره..
وفكره..
يرمونه في الريح، كالأشلاء..

هذا له زاوية يومية..
هذا له عمود..
والفارق الوحيد, فيما بينهم
طريقة الركوع..
والسجود..

لا ترفع الصوت.. فانت آمن
ولا تناقش ابدا مسدسا..
او حاكما فردا..
فانت آمن..
وكن بلا لون، ولا طعم، ولا رائحة..
وكن بلا رأي..
ولا قضية كبرى..
فانت آمن..
واكتب الطقس،
وعن حبوب منع الحمل -إن شئت-
فانت آمن..
هذا هو القانون في مزرعة الدواجن..

كيف ترى، نؤسس الكتابة؟
في مثل هذا الزمن الصغير
والرمل في عيوننا
والشمس من قصدير
والكاتب الخارج عن طاعتهم
يذبح كالبعير..

أيا طويل العمر:
يا من تشتري النساء بالارطال..
وتشتري الاقلام بالارطال..
لسنا نريد اي شيء منك..
فانكح جواريك كما تريد..
واذبح رعاياك كما تريد..
وحاصر الامة بالنار.. وبالحديد..
لا احد..
يريد منك ملكك السعيد..
لا احد يريد ان يسرق منك جبة الخلافة..
فاشرب نبيذ النفط عن اخره..
واترك لنا الثقافة....

ابو جهل يشتري (فليت ستريت) - نزار قبّاني

ابو جهل يشتري (فليت ستريت)

نزار قبّاني





هل اختفت من لندن؟
باصاتها الجميلة الحمراء
وصارت النوقُ التي جئنا بها من يثرب
واسطة الركوب
في عاصمة الضباب؟



تسرّب البدو الى
قصر بكنغهام
وناموا في سرير الملكة
والانجليز، لملموا تاريخهم...
وانصرفوا..
واحترفوا الوقوف -مثلما كنا-
على الاطلال...

ها هم بنو تغلب..
في (سوهو)
وفي (فيكتوريا)...
يشمرون ذيل دشداشاتهم
ويرقصون الجاز...

هل اصبحت انجلترا؟
تصحو على ثرثرة البدو..
وسمفونية النعال؟

هل اصبحت انجلترا؟
تمشي على الرصيف، بالخِفِّ... وبالعقال؟
وتكتب الخط من اليمين للشمال..
سبحانه مغير الاحوال!!

عنترة ... يبحث طول الليل، عن رومية
بيضاء كالزبدة..
او مليسة الفخذين .. كالهلال
يأكلها كبيضة مسلوقة
من غير ملح - في مدى دقيقة-
ويرفع السروال!!

لم يبق في الباركات..
لا بط، ولا زهر، ولا اعشاب
قد سرح الماعز في ارجائها
وفرت الطيور سمائها
وانتصر الذباب ..

ها هم بنو عبس.. على مداخل المترو
يعبون كؤوس البيرة المبردة..
وينهشون قطعة..
من نهد كل سيدة..

هل سقط الكبار من كتابنا
في بورصة الريال؟
هل اصبحت انجلترا عاصمة الخلافة؟
واصبح البترول يمشي ملكا..
في شارع الصحافة؟

جرائد..
جرائد..
جرائد..
تنتظر الزبون في ناصية الشارع،
كالبغايا..
جرائد، جاءت الى لندن،
كي تمارس الحرية..
تحولت -على يد النفط-
الى سبايا..

جئنا لاوروبا..
لكي نشرب من منابع الحضارة
جئنا.. لكي نبحث عن نافذة بحرية
من بعدما سدوا علينا عنق المحارة
جئنا.. لكي نكتب حرياتنا
من بعد ان ضاقت على اجسادنا العبارة
لكننا.. حين امتلكنا صحفا،
تحولت نصوصنا
الى بيان صادر عن غرفة التجارة..

جئنا لاوروبا
لكي نستنشق الهواء
جئنا..
لكي نعرف ما الوانها السماء؟
جئنا..
هروبا من سياط القهر، والقمع،
ومن اذى داحس والغبراء..
لكننا.. لم نتأمل زهرة جميلة
ولم نشاهد مرة، حمامة بيضاء
وظلت الصحراء في داخلنا..
وظلت الصحراء..

من كل صوب.. يهجم الجراد
ويأكل الشعر الذي نكتبه..
ويشرب المداد
من كل صوب.. يهجم (الايدز) على تاريخنا
ويحصد الارواح، والاجساد
من كل صوب.. يطلقون نفطهم علينا
ويقتلون اجمل الجياد..
فكاتب مدجن..
وكاتب مستأجر..
وكاتب يباع في المزاد
هل صار زيت الكاز في بلادنا مقدسا؟
وصار للبترول في تاريخنا، نقاد؟

للواحد الأوحد.. في عليائه
تزدان كل الاغلفة
وتكتب المدائح المزيفة..
ويزحف الفكر الوصولي على جبينه
ليلثم العباءة المشرفة..
هل هذه صحافة..
ام مكتب للصيرفة؟

كل كلام عندهم، محرّم
كل كتاب عندهم، مصلوب
فكيف يستوعب ما نكتبه؟
من يقرأ الحروف بالمقلوب!!

على الذي يريد ان يفوز
في رئاسة التحرير..
عليه .. ان يبوس
ركبة الامير ..
عليه.. ان يمشي على أربعة
كي يركب الامير!!

لا يبحث الحاكم في بلادنا
عن مبدع..
وانما يبحث عن أجير..

يعطي طويل العمر.. للصحافة المرتزقة
مجموعة من الظروف المغلقة..
وبعدها..
ينفجر النباح.. والشتائم المنسقة..

ما لليساريين من كتابنا؟
قد تركوا (لينين) خلف ظهرهم
وقرروا..
ان يركبوا الجمال!!

جئنا لاوروبا..
لكي ننعم في حرية التعبير
ونغسل الغبار عن اجسادنا
ونزرع الاشجار في حدائق الضمير
فكيف اصبحنا، مع الايام،
طباخين..
في مضافة الاسكندر الكبير؟؟

كل العصافير التي
كانت تشق زرقة السماء،
في بيروت..
وتملأ الشجار والبيادر..
قد احرق البترول كبرياءها
وريشها الجميل..
والحناجر..
فهي على سقوف لندن..
تموت..

يستعملون الكاتب الاخير.. في اغراضهم
كربطة الحذاء..
وعندما يستنزفون حبره..
وفكره..
يرمونه في الريح، كالأشلاء..

هذا له زاوية يومية..
هذا له عمود..
والفارق الوحيد, فيما بينهم
طريقة الركوع..
والسجود..

لا ترفع الصوت.. فانت آمن
ولا تناقش ابدا مسدسا..
او حاكما فردا..
فانت آمن..
وكن بلا لون، ولا طعم، ولا رائحة..
وكن بلا رأي..
ولا قضية كبرى..
فانت آمن..
واكتب الطقس،
وعن حبوب منع الحمل -إن شئت-
فانت آمن..
هذا هو القانون في مزرعة الدواجن..

كيف ترى، نؤسس الكتابة؟
في مثل هذا الزمن الصغير
والرمل في عيوننا
والشمس من قصدير
والكاتب الخارج عن طاعتهم
يذبح كالبعير..

أيا طويل العمر:
يا من تشتري النساء بالارطال..
وتشتري الاقلام بالارطال..
لسنا نريد اي شيء منك..
فانكح جواريك كما تريد..
واذبح رعاياك كما تريد..
وحاصر الامة بالنار.. وبالحديد..
لا احد..
يريد منك ملكك السعيد..
لا احد يريد ان يسرق منك جبة الخلافة..
فاشرب نبيذ النفط عن اخره..
واترك لنا الثقافة....

Sunday, July 17, 2005

أين نخوة الرجال؟ - تماضر جوهر - نقلا عن الأقباط متحدون

بقلم: تماضرجوهر

قد يستعجب القارئ لماذا أتكلم اليوم عن الرجال وأنا مناصرة المرأة. ولكن خبر أعتزال د. قمني وقع علي اليوم وقوع الصاعقة. لم يهزني تهديد القاعدة لأنه الأسلوب الوحيد المتقن والمعروف لديهم. ولكنني صدمت من قرار د. قمني ليس لأنني ألومه ولكن لأنه رمز؛ رمز مصر بشموخها، رمز مصر بصلابتها، رمز مصر الرجل الحر، ورمز الكلمة الجريئة الوحيدة المذكر في مصر. وأنا وإن أذرف أنهار الدموع على قرار د. قمني فأنا أتفهمه، فهو ككلمة سعد زغلول الشهيرة "مفيش فايدة.. صفية، غطينى وصوتى". هل فعلاً يا د. قمني مفيش فايدة؟ هل لن تقوم لمصر قائمة بعد اليوم؟ أنا متأكدة أنك لا تركع بغرض الخوف ولكنك وأن تعتزل اليوم وتقدم الأستتابة المطلوبه فهو لتأكدك من أنه لن يقف رجل واحد من رجال مصر الأحرار لنجدتك وسيتركوك تواجة التهديد وحدك، وذلك لأنه لا يوجد مثل هؤلاء الرجال بعد في مصر، فلقد قضى عليهم جميعاً في النصف قرن البائت. لقد أتضحت لي هذه الحقيقة من وقت حادثة فتاة العتبه التي تم أغتصابها أو فض غشاء بكارتها وسط الميدان أمام أعين جميع الرجال. أتذكر كنت حينها صغيرة نوعاً وكنت من الخجل لا أستطيع قراءه التفاصيل وأن كان يوجد سؤال هام يلح علي منذ ذاك التاريخ وإلى اليوم لم أجد له إجابة: أين كانت الرجال؟ وكيف أستطاعوا الوقوف يتفرجون وكأن الموضوع لا يعنيهم، أو كأنهم يشاهدون موقفاً درامياً؟ كيف لم يتحرك لهم ساكن؟ أين كانت رجال مصر بحق الله ... حتى وأن كان مشهر بوجوههم ألف سكين؟؟؟؟؟

ثم تأكد لى في حادث شخصي أنقراض هذا الجنس من مصر حينما كان من ضمن مخطط التخويف العام للشعب المصرى الركوض خلف الأنثى عند دخولها العمارة وذلك للأعتداء عليها كما تؤتي لهم الظروف. ولقد كنت عرضة لهذة الحوادث عدة مرات أنا وإناث أخريات من عمارتنا. وفي مرة من المرات تمكنت من القبض على هذا المجرم ومسكته من رقبته ونزلت به السلم لأذهب به إلى قسم الشرطة. وهبطنا إلى الشارع ويا لحظي السعيد.. وجدت بعض الرجال على الرصيف الذين وجدوا في يدى رقبة هذا الشريد وأبتدأوا يسألوا ما السبب. سعدت لأن هؤلاء الرجال سوف يساعدونني في جر هذا الشريد إلى قسم الشرطة بدلاً عني ولكنني فوجئت يلوموننى ويتهمونني بالقسوة والأفتراء وحاولوا تخليص الرجل من يدي. وقفت وأنا في هول المفاجأه من موقف الرجال ثم بادرتهم قائلة : أنتم رجاله أنتم .. أنتم عندكم كرامة؟ وطبعاً لم أكن أنتظر الرد، فالرد قد وصل منذ حادث فتاة العتبه.

لقد تعلمنا منذ حداثتنا أن الرجل ليس "شنبات" ولكنه "موقف" وأنا أدرك أنه لن يقف معك أي رجل. أن المطلوب من الرجل أن يكون لديه وعى لكى يتفاعل مع الموقف ولكن من الواضح أن رجال مصر قد فقدوا الوعى والحس والتمييز وليس بسبب كتابتك. فقد أختلف أنا أيضاً معك في بعض نتائج أبحاثك ولكن هذا لا يجب أن يحثنى على الرفض ولكن بالأحرى يحثنى على البحث عن الحقيقة والوصول إلى الرأي الذي يعضد معتقدي إن كان يوجد وإلا فأنه في هذا الحالة يجب أن أعترف بحق ما توصلت إليه أبحاثك. د. قمني، أتفهمك وأتفهمك بشدة ولكنني لا أستطيع قبول أن مصر لن تعود كما كانت. مصر التي نعيشها كل يوم في خيالنا، مصر المتملكة في قلوبنا، مصر الشعب الطيب، مصر الشعب المبتسم، مصر الضحكة، مصر الملاقاه، مصر الأخوة، مصر أبي الهول الشامخة، مصر أمي وأمك. لا لن ندعهم يسرقوا ذاكرتنا. أن هؤلاء القتلة لم يعرفوا مصر كما عرفناها نحن ولم يلعبوا مع نفس الشعب الذي لعبنا معه ولم يسكنوا إلى نفس الأهل والجيران الذين سكننا إليهم، ولكنهم تربوا في وطن غير وطننا الذي عرفناه.

لقد قمت بواجب عظيم نحو بلدك ولكن أبناء بلدك لم ولن يتفاعلوا معك. أنا أطالب أن يشكل رجال مصر ضرع بشري حول منزلكم وذلك لإرسال رسالة واضحة لهؤلاء القتلة وهو أنهم ضد الأرهاب. أن الأرهاب لا يحارب بالتمني ولكن يحارب بالفكر الحر ولقد كنت أنت هذا الفكر والأن يجب على الرجال حماية هذا الفكر فهل لنا ان نطمع في موقف رجال.

مهما كان قرارك النهائي أحب أن أقول لك أنك أسعدتنا دوماً بكتابتك وكنت وستظل رمز للصوت الحر الذي يقطر حباً صافياً لمصر، وسوف نعمل جهدنا لمحاربة الأرهاب ولحماية حياتك من كل جهل وكراهية. دمت لنا ودامت مصر حرة أبية.

تماضرجوهر

أين نخوة الرجال؟ - تماضر جوهر - نقلا عن الأقباط متحدون

بقلم: تماضرجوهر

قد يستعجب القارئ لماذا أتكلم اليوم عن الرجال وأنا مناصرة المرأة. ولكن خبر أعتزال د. قمني وقع علي اليوم وقوع الصاعقة. لم يهزني تهديد القاعدة لأنه الأسلوب الوحيد المتقن والمعروف لديهم. ولكنني صدمت من قرار د. قمني ليس لأنني ألومه ولكن لأنه رمز؛ رمز مصر بشموخها، رمز مصر بصلابتها، رمز مصر الرجل الحر، ورمز الكلمة الجريئة الوحيدة المذكر في مصر. وأنا وإن أذرف أنهار الدموع على قرار د. قمني فأنا أتفهمه، فهو ككلمة سعد زغلول الشهيرة "مفيش فايدة.. صفية، غطينى وصوتى". هل فعلاً يا د. قمني مفيش فايدة؟ هل لن تقوم لمصر قائمة بعد اليوم؟ أنا متأكدة أنك لا تركع بغرض الخوف ولكنك وأن تعتزل اليوم وتقدم الأستتابة المطلوبه فهو لتأكدك من أنه لن يقف رجل واحد من رجال مصر الأحرار لنجدتك وسيتركوك تواجة التهديد وحدك، وذلك لأنه لا يوجد مثل هؤلاء الرجال بعد في مصر، فلقد قضى عليهم جميعاً في النصف قرن البائت. لقد أتضحت لي هذه الحقيقة من وقت حادثة فتاة العتبه التي تم أغتصابها أو فض غشاء بكارتها وسط الميدان أمام أعين جميع الرجال. أتذكر كنت حينها صغيرة نوعاً وكنت من الخجل لا أستطيع قراءه التفاصيل وأن كان يوجد سؤال هام يلح علي منذ ذاك التاريخ وإلى اليوم لم أجد له إجابة: أين كانت الرجال؟ وكيف أستطاعوا الوقوف يتفرجون وكأن الموضوع لا يعنيهم، أو كأنهم يشاهدون موقفاً درامياً؟ كيف لم يتحرك لهم ساكن؟ أين كانت رجال مصر بحق الله ... حتى وأن كان مشهر بوجوههم ألف سكين؟؟؟؟؟

ثم تأكد لى في حادث شخصي أنقراض هذا الجنس من مصر حينما كان من ضمن مخطط التخويف العام للشعب المصرى الركوض خلف الأنثى عند دخولها العمارة وذلك للأعتداء عليها كما تؤتي لهم الظروف. ولقد كنت عرضة لهذة الحوادث عدة مرات أنا وإناث أخريات من عمارتنا. وفي مرة من المرات تمكنت من القبض على هذا المجرم ومسكته من رقبته ونزلت به السلم لأذهب به إلى قسم الشرطة. وهبطنا إلى الشارع ويا لحظي السعيد.. وجدت بعض الرجال على الرصيف الذين وجدوا في يدى رقبة هذا الشريد وأبتدأوا يسألوا ما السبب. سعدت لأن هؤلاء الرجال سوف يساعدونني في جر هذا الشريد إلى قسم الشرطة بدلاً عني ولكنني فوجئت يلوموننى ويتهمونني بالقسوة والأفتراء وحاولوا تخليص الرجل من يدي. وقفت وأنا في هول المفاجأه من موقف الرجال ثم بادرتهم قائلة : أنتم رجاله أنتم .. أنتم عندكم كرامة؟ وطبعاً لم أكن أنتظر الرد، فالرد قد وصل منذ حادث فتاة العتبه.

لقد تعلمنا منذ حداثتنا أن الرجل ليس "شنبات" ولكنه "موقف" وأنا أدرك أنه لن يقف معك أي رجل. أن المطلوب من الرجل أن يكون لديه وعى لكى يتفاعل مع الموقف ولكن من الواضح أن رجال مصر قد فقدوا الوعى والحس والتمييز وليس بسبب كتابتك. فقد أختلف أنا أيضاً معك في بعض نتائج أبحاثك ولكن هذا لا يجب أن يحثنى على الرفض ولكن بالأحرى يحثنى على البحث عن الحقيقة والوصول إلى الرأي الذي يعضد معتقدي إن كان يوجد وإلا فأنه في هذا الحالة يجب أن أعترف بحق ما توصلت إليه أبحاثك. د. قمني، أتفهمك وأتفهمك بشدة ولكنني لا أستطيع قبول أن مصر لن تعود كما كانت. مصر التي نعيشها كل يوم في خيالنا، مصر المتملكة في قلوبنا، مصر الشعب الطيب، مصر الشعب المبتسم، مصر الضحكة، مصر الملاقاه، مصر الأخوة، مصر أبي الهول الشامخة، مصر أمي وأمك. لا لن ندعهم يسرقوا ذاكرتنا. أن هؤلاء القتلة لم يعرفوا مصر كما عرفناها نحن ولم يلعبوا مع نفس الشعب الذي لعبنا معه ولم يسكنوا إلى نفس الأهل والجيران الذين سكننا إليهم، ولكنهم تربوا في وطن غير وطننا الذي عرفناه.

لقد قمت بواجب عظيم نحو بلدك ولكن أبناء بلدك لم ولن يتفاعلوا معك. أنا أطالب أن يشكل رجال مصر ضرع بشري حول منزلكم وذلك لإرسال رسالة واضحة لهؤلاء القتلة وهو أنهم ضد الأرهاب. أن الأرهاب لا يحارب بالتمني ولكن يحارب بالفكر الحر ولقد كنت أنت هذا الفكر والأن يجب على الرجال حماية هذا الفكر فهل لنا ان نطمع في موقف رجال.

مهما كان قرارك النهائي أحب أن أقول لك أنك أسعدتنا دوماً بكتابتك وكنت وستظل رمز للصوت الحر الذي يقطر حباً صافياً لمصر، وسوف نعمل جهدنا لمحاربة الأرهاب ولحماية حياتك من كل جهل وكراهية. دمت لنا ودامت مصر حرة أبية.

تماضرجوهر

Thursday, July 14, 2005

النظام الأسرى بين المساواة والقوامة .

" إن العنف هو السلاح الوحيد لمن لا يملك قوة الإقناع العقلى . ولا يمكن لعقل أن يقتنع أن الزوج ( وإن كان أغبى الأغبياء ) هو الوصى على زوجته ( وإن كانت أذكى الأذكياء ) ." د / نوال السعداوى - الرجل والجنس .
تعد المساواة هى الركيزة الأساسية لبناء علاقة زوجية متكافئة سوية ، ويقصد بها قبول كل طرف من أطراف العلاقة الزوجية مبدأ التساوى التام مع الطرف الآخر فى الحقوق والواجبات بصرف النظر عن أى إعتبارات أخرى ، فالحقوق التى يستأهلها الزوج لا تختلف عن الحقوق التى تأخذها الزوجة ، والأعباء التى تقع على عاتق الأسرة يجب أن يتقاسمها طرفى العلاقة فيما بينهم ، فهى مشاركة بالتساوى التام - وليست تقسيم عمل - بحيث لا ينفرد أحد الطرفين بأداء عمل معين دون الآخر بل يشتركان معا فى إنجازه بعد الإتفاق على الكيفية التى يمكنهم إنجازه بها ، فالعلاقة السوية يفترض فيها أن يساهم كل طرف بتحمل شطر المسؤلية سواء من ناحية الإنفاق المالى على الأسرة أو القيام بأداء الأعمال المنزلية أو تربية الأطفال ، وما إلى ذالك من أعمال .
فالمساواة على هذا النحو كفيلة بخلق علاقة زوجية سليمة من جميع النواحى تعمل على تدريب أطرافها على تحمل المسؤلية وتضعهم - إضافة إلى ذالك - موضع القدوة بالنسبة لأبنائهم ، وهذه العلاقة تكون خالية تماما من كافة العيوب والأمراض المزمنة التى تصيب العلاقات الإجتماعية الأخرى القائمة على السيطرة والخضوع ، إذ أن العلاقة المتكافئة لا يمكن أن تضم اليها أطرافا أخرى تؤثر فيها أو تتأثر بها ، وهى بالتالى تخلق جيلا حرا متفهما مسؤلا يقدر الحياة الزوجية ويؤمن بأنها ليست مباراة عبثية أو نمط فوضوى للحياة ، وإنما هى إحترام للذات وتقدير للآخر ومسؤلية .
وإذا جلنا بأنظارنا بعيدا عن العلاقات الزوجية السوية ، فإننا سنجد علاقة أخرى تعتمد على مبدأ آخر بعيدا كل البعد عن المساواة التى هى عماد العلاقات السوية ، وهو قوامة أحد طرفى العلاقة - وهو فى الغالب الطرف المذكر - على الطرف الآخر بحيث يخضعه لإرادته ويدفعه قسرا للإمتثال لأوامره ، ويلزمه عنوة بالإبتعاد عن زواجره ، ويطلب منه إلغاء ذاتيته وخصوصيته الشخصية ليتطبع بطبعه ويصبح نسخة مطابقة له .
وترجع الأصول الفكرية لهذه العلاقة السلطوية الشاذة إلى العصور البدائية عندما كانت القوة هى الحكم والفيصل فيما ينشب بين الناس من منازعات ، فكان الأقوى هو الأولى بالسيادة والأضعف هو الأولى بالتبعية ، ولا أعنى على الإطلاق أن ضعف المرأة فطرى وجد معها منذ وجودها على ظهر الأرض ، ولكن ماحدث هو أن فوجىء النساء فى مرحلة ما فى نهاية عهد الخيرية المطلقة ( الشيوعية التامة ) بإغتصاب الذكور لهن عنوة وإجبارهن على الخضوع لهم دون أن يكون لهن سابق علم بهذه المخططات الذكورية الخبيثة ، ونجح الذكور جيلا بعد جيل فى مسخ هوية الأنثى التى كانت فى عصر ما هى الإلهة القوية ( عشتار - إيزيس ) ، وجعلوها تتقبل هذا الأمر وتعتبره واقعا وقدرا لا مهرب منه وسنة حياة لا سبيل إلى تبديلها .
ومن هنا نشأت القوامة كأساس لقيام علاقة زوجية بسيطرة الطرف القوى إجتماعيا ( الرجل ) على الطرف المضطهد إجتماعيا ( المرأة ) وتطور هذا النظام بتطور المجتمعات وظهور الشرائع الدينية من نظام عبودى قائم على إمتلاك الزوج لزوجته ملكية تامة تتيح له المتاجرة فيها بيعا وشراءا وهبة ورهنا إلى نظام أقل عبودية قائم على منح المرأة جزءا ضئيلا من حقوقها ، وإن كان المشرع الدينى - نظرا للظروف الإجتماعية بالغة الحساسية - لم يستطع أن يصل بحقوق المراة إلى أبعد من هذا إلا أنه شدد فى نصوصه الدينية على المساواة التامة بين البشر التى يفهم منها ضمنا عدم إعتراف الدين بالتفاوت الإجتماعى بين الرجل والمرأة .
إذن فالقوامة ماهى إلا نظام رق مقنع ومغطى بغطاء الزواج حيث يمتلك فيه أحد الطرفين الطرف الآخر ملكية تامة يخضعه من خلالها لسلطانه وإرادته ويجبره على أداء الأعمال الخدمية له ، إضافة إلى إستخدامه كأداة للمتعة الجنسية بإعتباره مجرد آلة لإنتاج أفراد جدد يعيدون دورة الحياة دون ادنى حس أو شعور إنسانى يذكر .
وتكمن أضرار هذه العلاقة فى الإرتباطات المريضة التى تنشأ بين أفراد الأسرة الواحدة ، حيث لا تجد الأم مهربا من الضغوط الممارسة عليها من قبل زوجها سوى اللجوء إلى أبنائها والإلتصاق التام بهم ، ويجد الأبناء أنفسهم - فى الوقت ذاته - بحاجة إلى خلق رابطة متينة مع أحد أطراف العلاقة الذى يشعرون تجاهه بالحب والود والألفة على حساب الطرف الآخر ، وتنشأ من هنا علاقات مريضة أخرى تتجلى مظاهرها بوضوح فى علاقة الأم بإبنها ( الذكر ) خلال مراحل حياته المختلفة ، فهى تعمل على توفير كافة وسائل الراحة والرفاهية له دون أن تتركه يتعلم كيف يتحمل المسؤلية ويعتمد على نفسه فى الحياة ، وعندما يرتبط جنسيا تحاول التدخل فى شئون أسرته الناشئة بمحاولتها الدؤبة فرض سيطرتها على زوجة إبنها فى رابطة سادومازوكية متجددة .
وفى المقابل تنظر الأم إلى إبنتها بعين الشفقة خوفا عليها من المستقبل المظلم الذى ينتظرها فى مجتمع لا يقدر النساء ، وسرعان ماتتحول هذه الشفقة إلى عداوة عندما تطلب الأم من إبنتها القيام بالأعمال المنزلية وخدمة إخوتها من الذكور ، وتتطور هذه العلاقة بتطور حياة الإبنة عندما تتزوج حيث نجد الأم بصورة تلقائية تعقد تحالفا مع زوج إبنتها غايته إجبارها على الخضوع لزوجها ومنعها من التفكير فى الإنفصال عنه ، وتلعب الأم بذالك دورا بالغ السوء فى حياة الإبنة يؤثر بالضرورة على صحتها النفسية ويحولها إلى إنسانة سلبية تتقبل الواقع المر ولا تحاول إنتقاده أو التمرد عليه وتنتقل العدوى منها بعد الزواج والإنجاب ومرور الأيام وتكرار المآسى إلى أبنائها .
مما سبق يتضح أن هناك فروقا جوهرية بين هاتين العلاقتين المتباينتين اللتين تمثلان النظامان الوحيدان للروابط الجنسية البشرية من عدة جوانب : -
أولا :- التساوى التام بين أطراف العلاقة الأولى يقابله خضوع أحد طرفى العلاقة الثانية للطرف الآخر الذى يسيطر عليه .
ثانيا :- بساطة التكوين الإجتماعى الذى يميز العلاقة الأولى القائمة بين طرفين غير قابلين لإحتمالات الزيادة بالتأثير أو التأثر ، يقابله تشابك وتعقيد العلاقة الثانية التى تضم إليها أطرافا أخرى تخضع وتسيطر .
ثالثا :- من النتائج الإيجابية للعلاقة الأولى أنها تدرب أطرافها على تحمل المسؤلية فى الحياة وتجعلهم قدوة لأبنائهم فى هذه الأمور الهامة ، ويقابل هذه النتيجة الإيجابية نتيجة أخرى سيئة جدا فى العلاقة الثانية تكمن فى العجز النفسى الذى يصيب جميع أطراف هذه العلاقة ويعيقهم عن تحمل عن تحمل المسؤلية .
رابعا :- من النتائج الإيجابية أيضا للعلاقة الأولى خلق الإنسان القادر على دخول وتفعيل علاقات إنسانية سوية وتكافئة ، ويقابل هذه النتيجة الإيجابية نتيجة أخرى أكثر سوءا وهى خلق مسخ بشرى مشوه نفسيا مريض إجتماعيا غير قادر على تحقيق التكافؤ والعدل فى العلاقات التى يصير طرفا فيها ، وإنما يكون هو المسيطر عندما يكون الطرف الآخر ضعيفا أو الخاضع عندما يكون الطرف الآخر قويا .
مما سبق بيانه ندرك أن العلاقة الزوجية السوية يجب أن تقوم على التكافؤ والمساواة بين طرفيها وليس على سيطرة طرف واحد على كامل الكيان الأسرى مهما كانت الإعتبارات الدينية أو العرفية أو القبلية التى لا يمكن أن تحظى بإقتناع العقل بها لأنها تكرس إستخدام مبدأ القوة فى العلاقات الإنسانية ، وكذالك لا يمكن تدارك الأضرار التى تنشأ عن العلاقات المبنية على هذه الأسس المتداعية ، ولذا فإن مايعرف بحق الرجل فى القوامة على زوجته لا يمكن أن يتقبله عقل ولا أن يحظى بالشرعية الإنسانية لأنه لا يوجد - على الإطلاق - مبرر عقلانى لتمييز الرجل عن المرأة وإعطاؤه هذه المنزلة الفوقية بالنسبة لها ، بل إن إطلاق حق القوامة بالنسبة للرجل وعدم تقييده يعد خللا فظيعا فى هذا النظام اللاإنسانى ، لأن الرجل قد يكون أقل فى النضوج العقلى من المرأة فكيف يكون من العدل إعطاء الحق لذوى العقلية السطحية الباهتة فى القوامة والسيطرة على ذوى العقلية القوية الناضجة ؟! ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن التركيز على حق الرجل فى القوامة على زوجته يعد تأييدا وإستمرارا للمبدأ الذى قامت عليه شريعة الغاب من أن البقاء للأقوى فى البنيان الجسدى وعلى الأضعف بنيانا الخضوع لذوى القوة الجسدية المجردة من العقل الذى يفترض أن يكون هو المرجع الوحيد للفكر الإنسانى القائم على التفاهم والصراحة والإقناع وليس على القوة والعنف ولى الذراع.
عبدالكريم نبيل سليمان
14 / 7 / 2005
الإسكندرية / مصر

النظام الأسرى بين المساواة والقوامة .

" إن العنف هو السلاح الوحيد لمن لا يملك قوة الإقناع العقلى . ولا يمكن لعقل أن يقتنع أن الزوج ( وإن كان أغبى الأغبياء ) هو الوصى على زوجته ( وإن كانت أذكى الأذكياء ) ." د / نوال السعداوى - الرجل والجنس .
تعد المساواة هى الركيزة الأساسية لبناء علاقة زوجية متكافئة سوية ، ويقصد بها قبول كل طرف من أطراف العلاقة الزوجية مبدأ التساوى التام مع الطرف الآخر فى الحقوق والواجبات بصرف النظر عن أى إعتبارات أخرى ، فالحقوق التى يستأهلها الزوج لا تختلف عن الحقوق التى تأخذها الزوجة ، والأعباء التى تقع على عاتق الأسرة يجب أن يتقاسمها طرفى العلاقة فيما بينهم ، فهى مشاركة بالتساوى التام - وليست تقسيم عمل - بحيث لا ينفرد أحد الطرفين بأداء عمل معين دون الآخر بل يشتركان معا فى إنجازه بعد الإتفاق على الكيفية التى يمكنهم إنجازه بها ، فالعلاقة السوية يفترض فيها أن يساهم كل طرف بتحمل شطر المسؤلية سواء من ناحية الإنفاق المالى على الأسرة أو القيام بأداء الأعمال المنزلية أو تربية الأطفال ، وما إلى ذالك من أعمال .
فالمساواة على هذا النحو كفيلة بخلق علاقة زوجية سليمة من جميع النواحى تعمل على تدريب أطرافها على تحمل المسؤلية وتضعهم - إضافة إلى ذالك - موضع القدوة بالنسبة لأبنائهم ، وهذه العلاقة تكون خالية تماما من كافة العيوب والأمراض المزمنة التى تصيب العلاقات الإجتماعية الأخرى القائمة على السيطرة والخضوع ، إذ أن العلاقة المتكافئة لا يمكن أن تضم اليها أطرافا أخرى تؤثر فيها أو تتأثر بها ، وهى بالتالى تخلق جيلا حرا متفهما مسؤلا يقدر الحياة الزوجية ويؤمن بأنها ليست مباراة عبثية أو نمط فوضوى للحياة ، وإنما هى إحترام للذات وتقدير للآخر ومسؤلية .
وإذا جلنا بأنظارنا بعيدا عن العلاقات الزوجية السوية ، فإننا سنجد علاقة أخرى تعتمد على مبدأ آخر بعيدا كل البعد عن المساواة التى هى عماد العلاقات السوية ، وهو قوامة أحد طرفى العلاقة - وهو فى الغالب الطرف المذكر - على الطرف الآخر بحيث يخضعه لإرادته ويدفعه قسرا للإمتثال لأوامره ، ويلزمه عنوة بالإبتعاد عن زواجره ، ويطلب منه إلغاء ذاتيته وخصوصيته الشخصية ليتطبع بطبعه ويصبح نسخة مطابقة له .
وترجع الأصول الفكرية لهذه العلاقة السلطوية الشاذة إلى العصور البدائية عندما كانت القوة هى الحكم والفيصل فيما ينشب بين الناس من منازعات ، فكان الأقوى هو الأولى بالسيادة والأضعف هو الأولى بالتبعية ، ولا أعنى على الإطلاق أن ضعف المرأة فطرى وجد معها منذ وجودها على ظهر الأرض ، ولكن ماحدث هو أن فوجىء النساء فى مرحلة ما فى نهاية عهد الخيرية المطلقة ( الشيوعية التامة ) بإغتصاب الذكور لهن عنوة وإجبارهن على الخضوع لهم دون أن يكون لهن سابق علم بهذه المخططات الذكورية الخبيثة ، ونجح الذكور جيلا بعد جيل فى مسخ هوية الأنثى التى كانت فى عصر ما هى الإلهة القوية ( عشتار - إيزيس ) ، وجعلوها تتقبل هذا الأمر وتعتبره واقعا وقدرا لا مهرب منه وسنة حياة لا سبيل إلى تبديلها .
ومن هنا نشأت القوامة كأساس لقيام علاقة زوجية بسيطرة الطرف القوى إجتماعيا ( الرجل ) على الطرف المضطهد إجتماعيا ( المرأة ) وتطور هذا النظام بتطور المجتمعات وظهور الشرائع الدينية من نظام عبودى قائم على إمتلاك الزوج لزوجته ملكية تامة تتيح له المتاجرة فيها بيعا وشراءا وهبة ورهنا إلى نظام أقل عبودية قائم على منح المرأة جزءا ضئيلا من حقوقها ، وإن كان المشرع الدينى - نظرا للظروف الإجتماعية بالغة الحساسية - لم يستطع أن يصل بحقوق المراة إلى أبعد من هذا إلا أنه شدد فى نصوصه الدينية على المساواة التامة بين البشر التى يفهم منها ضمنا عدم إعتراف الدين بالتفاوت الإجتماعى بين الرجل والمرأة .
إذن فالقوامة ماهى إلا نظام رق مقنع ومغطى بغطاء الزواج حيث يمتلك فيه أحد الطرفين الطرف الآخر ملكية تامة يخضعه من خلالها لسلطانه وإرادته ويجبره على أداء الأعمال الخدمية له ، إضافة إلى إستخدامه كأداة للمتعة الجنسية بإعتباره مجرد آلة لإنتاج أفراد جدد يعيدون دورة الحياة دون ادنى حس أو شعور إنسانى يذكر .
وتكمن أضرار هذه العلاقة فى الإرتباطات المريضة التى تنشأ بين أفراد الأسرة الواحدة ، حيث لا تجد الأم مهربا من الضغوط الممارسة عليها من قبل زوجها سوى اللجوء إلى أبنائها والإلتصاق التام بهم ، ويجد الأبناء أنفسهم - فى الوقت ذاته - بحاجة إلى خلق رابطة متينة مع أحد أطراف العلاقة الذى يشعرون تجاهه بالحب والود والألفة على حساب الطرف الآخر ، وتنشأ من هنا علاقات مريضة أخرى تتجلى مظاهرها بوضوح فى علاقة الأم بإبنها ( الذكر ) خلال مراحل حياته المختلفة ، فهى تعمل على توفير كافة وسائل الراحة والرفاهية له دون أن تتركه يتعلم كيف يتحمل المسؤلية ويعتمد على نفسه فى الحياة ، وعندما يرتبط جنسيا تحاول التدخل فى شئون أسرته الناشئة بمحاولتها الدؤبة فرض سيطرتها على زوجة إبنها فى رابطة سادومازوكية متجددة .
وفى المقابل تنظر الأم إلى إبنتها بعين الشفقة خوفا عليها من المستقبل المظلم الذى ينتظرها فى مجتمع لا يقدر النساء ، وسرعان ماتتحول هذه الشفقة إلى عداوة عندما تطلب الأم من إبنتها القيام بالأعمال المنزلية وخدمة إخوتها من الذكور ، وتتطور هذه العلاقة بتطور حياة الإبنة عندما تتزوج حيث نجد الأم بصورة تلقائية تعقد تحالفا مع زوج إبنتها غايته إجبارها على الخضوع لزوجها ومنعها من التفكير فى الإنفصال عنه ، وتلعب الأم بذالك دورا بالغ السوء فى حياة الإبنة يؤثر بالضرورة على صحتها النفسية ويحولها إلى إنسانة سلبية تتقبل الواقع المر ولا تحاول إنتقاده أو التمرد عليه وتنتقل العدوى منها بعد الزواج والإنجاب ومرور الأيام وتكرار المآسى إلى أبنائها .
مما سبق يتضح أن هناك فروقا جوهرية بين هاتين العلاقتين المتباينتين اللتين تمثلان النظامان الوحيدان للروابط الجنسية البشرية من عدة جوانب : -
أولا :- التساوى التام بين أطراف العلاقة الأولى يقابله خضوع أحد طرفى العلاقة الثانية للطرف الآخر الذى يسيطر عليه .
ثانيا :- بساطة التكوين الإجتماعى الذى يميز العلاقة الأولى القائمة بين طرفين غير قابلين لإحتمالات الزيادة بالتأثير أو التأثر ، يقابله تشابك وتعقيد العلاقة الثانية التى تضم إليها أطرافا أخرى تخضع وتسيطر .
ثالثا :- من النتائج الإيجابية للعلاقة الأولى أنها تدرب أطرافها على تحمل المسؤلية فى الحياة وتجعلهم قدوة لأبنائهم فى هذه الأمور الهامة ، ويقابل هذه النتيجة الإيجابية نتيجة أخرى سيئة جدا فى العلاقة الثانية تكمن فى العجز النفسى الذى يصيب جميع أطراف هذه العلاقة ويعيقهم عن تحمل عن تحمل المسؤلية .
رابعا :- من النتائج الإيجابية أيضا للعلاقة الأولى خلق الإنسان القادر على دخول وتفعيل علاقات إنسانية سوية وتكافئة ، ويقابل هذه النتيجة الإيجابية نتيجة أخرى أكثر سوءا وهى خلق مسخ بشرى مشوه نفسيا مريض إجتماعيا غير قادر على تحقيق التكافؤ والعدل فى العلاقات التى يصير طرفا فيها ، وإنما يكون هو المسيطر عندما يكون الطرف الآخر ضعيفا أو الخاضع عندما يكون الطرف الآخر قويا .
مما سبق بيانه ندرك أن العلاقة الزوجية السوية يجب أن تقوم على التكافؤ والمساواة بين طرفيها وليس على سيطرة طرف واحد على كامل الكيان الأسرى مهما كانت الإعتبارات الدينية أو العرفية أو القبلية التى لا يمكن أن تحظى بإقتناع العقل بها لأنها تكرس إستخدام مبدأ القوة فى العلاقات الإنسانية ، وكذالك لا يمكن تدارك الأضرار التى تنشأ عن العلاقات المبنية على هذه الأسس المتداعية ، ولذا فإن مايعرف بحق الرجل فى القوامة على زوجته لا يمكن أن يتقبله عقل ولا أن يحظى بالشرعية الإنسانية لأنه لا يوجد - على الإطلاق - مبرر عقلانى لتمييز الرجل عن المرأة وإعطاؤه هذه المنزلة الفوقية بالنسبة لها ، بل إن إطلاق حق القوامة بالنسبة للرجل وعدم تقييده يعد خللا فظيعا فى هذا النظام اللاإنسانى ، لأن الرجل قد يكون أقل فى النضوج العقلى من المرأة فكيف يكون من العدل إعطاء الحق لذوى العقلية السطحية الباهتة فى القوامة والسيطرة على ذوى العقلية القوية الناضجة ؟! ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن التركيز على حق الرجل فى القوامة على زوجته يعد تأييدا وإستمرارا للمبدأ الذى قامت عليه شريعة الغاب من أن البقاء للأقوى فى البنيان الجسدى وعلى الأضعف بنيانا الخضوع لذوى القوة الجسدية المجردة من العقل الذى يفترض أن يكون هو المرجع الوحيد للفكر الإنسانى القائم على التفاهم والصراحة والإقناع وليس على القوة والعنف ولى الذراع.
عبدالكريم نبيل سليمان
14 / 7 / 2005
الإسكندرية / مصر

Tuesday, July 12, 2005

شباب مسلم يتضامن مع أخواتهم




size=4> إثر جريمة شرف حدثت لفتاة مسلمة مهاجرة إلى السويد قتلها أبوها
لأنها اختارت المهنة التي تريد أن تتعلمها ورفيق حياتها بنفسها، دون موافقة أسرتها،
تكونت مجموعة من الشباب المسلم في السويد لمناصرة أخواتهم في الدين اللآتي تعانين
من قمع داخل المحيط الأسري. تقرير ريغينا كونيغ


في مدرسة ثانوية بجنوب
استوكهولم يقص كل من شربل وهاكان وأحمد على الحضور عما يسمى بثقافة الشرف التي لا
تمت للإسلام بصلة، بل على العكس لها صلة وثيقة بقمع الحريات.

"يقدر عدد
الفتيات والنساء اللآتي تلاقين قمعا واضطهادا بحوالي 50 ألفاً في السويد، وهذه
تعتبر نسبة ضئيلة بالنسبة لعدد السكان البالغ تسعة ملايين نسمة. ولكم أن تتخيلوا
أنكم هؤلاء، ولا تستطيعون أن تختاروا أصدقائكم بحرية، وتعيشون بين أربعة جدران، ولا
يسمح لكم بالسباحة، ولا تستطيعون دراسة ما ترغبون! هل عساكم ترضون بحياة كتلك؟
فأيما امرأة واحدة عانت من اضطهاد، فإن ذلك يعتبر كثيرا".

وكان المستمعون -
البالغ عددهم حوالي ثمانين شابا – يرتدون الملابس الخاصة بالشباب ما بين السادسة
والتاسعة عشر في أوروبا، مثل قبعة البايسبول وسويت شيرت والجينز والأحذية الرياضية.
ولا أحدا منهم يجلس معتدلا على الكرسي، ورغم ذلك يحاول كل منهم أن يعطي انطباعا
هادئا.

وهؤلاء ينحدرون من أصول هندية وتركية وإيرانية وبنغالية ولبنانية.
ومعظم هؤلاء المراهقين قد ولدوا في السويد ويتكلون اللغة بطلاقة وتعلموا تعليما
راقيا واندمجوا في المجتمع اندماجا جيدا.

ولكن عددا من المسلمين الشباب في
السويد أصابهم – كما هو الحال في ألمانيا – هوس حماية الشرف: ولقي العديد من
الفتيات الشابات حتفهن في السنوات الماضية على أيدي آبائهن أو إخوتهن أو أبناء
عمومتهن، لأنهن وقعن في حب أحد السويديين أو أردن العيش كما تعيش قرنائهن السويديات
أو رفضن الزواج بأحد الأقارب الكبار في السن أو أحد معارف الأسرة من منطقة
الأناضول.

الشرف شيء جميل وإيجابي

هؤلاء الشباب الثمانية
الفخورين الذين كونوا مجموعة "أبطال الشرف" لديهم مفهوم آخر لمصطلح الشرف، أي
الجرأة والشجاعة على الكفاح من أجل حرية أخواتهم.

وهنا يقول الشاب شربل
البالغ من العمر تسعة عشر عاما: "إن كلمة شرف هي كلمة عربية، وكل من يتحدث العربية
يعي مقصود هذه الكلمة. ونحن نريد ألا يستخدم مصطلح "الشرف" استخداما سيئا لاضطهاد
البنات والنساء وسوء معاملتهن. و"الشرف" هو شيء جميل وإيجابي ولا يحمل معنى سيئا
أبدا".

ويضيف شاربل مستنكرا: "إن حماية الفتيات لا يكون بإخفائهن، وإننا
نحاول تغيير وجهة نظر أولئك الذين يضطهدون النساء، وهم معظمهم من الشباب والرجال في
العائلات المسلمة. والوضع أن النساء والفتيات المسلمات ضحايا الفهم الخاطئ لثقافة
الشرف، لأنهن يضطهدن وفي أسوأ الأحوال يقعن ضحية للقتل.

ولكن الضحايا
الفعليون هم أولئك الشباب الذين ينفذون القتل بناء على رغبة آبائهم، فالأولاد
الذكور يتبنون أفكار آبائهم وأسلوبهم في الحياة. وهم ليس لهم خيار غير ذلك، إلا إذا
اتخذوا مجموعة "أبطال الشرف" قدوة لهم.


المساواة بين الشاب والفتاة
في التعليم والعمل


بعد أن أصغى الشباب الثمانين باهتمام لمدة ثلاث ساعات
وتناقشوا أيضا حول المساواة بين الجنسين والديمقراطية والمجتمع الذي يسيطر عليه
الرجال وأيضا حول الدين والثقافة، أصبح بعضهم يفكر في الأمر.

والشاب محمود،
الذي ينتمي إلى عائلة من أصل هندي، يعلق على الوضع بقوله:

"أنا مسلم، أتفهم
ذلك؟ وفي ديننا لا يسمح أيضا للشباب بممارسة الجنس من غير زواج. وأنا أرى أن تنال
الفتيات نفس الحقوق التي يتمتع بها الشباب في التعليم وممارسة العمل، وأنا شخصيا
أريد أن أكون متساويا في نفس الحقوق. وأرى أن ما تنادي به مجموعة "أبطال الشرف" شيئ
جميل، ولكن لا يجب إجبار الناس عليه، إذ عليهم إدراك ذلك شخصيا".

ولكن
مجموعة "أبطال الشرف" لا تريد الإنتظار طويلا، ولهذا فهم يتجولون في السويد ويلقون
محاضرات في المدارس ومراكز الشباب، ويروون أنهم لم يكونوا ملائكة وأنهم كانوا
يقومون بمراقبة أخواتهم. ويقول شربل: "هناك بالتأكيد بارقة أمل، لأننا إذا استطعنا
تغيير أنفسنا، فإن الآخرين سوف يستطيعون ذلك أيضا".

ويأتي الهتاف من الخلف:
"يا سلام، يا سلام! لقد استفدنا استفادة كبيرة! وبعض المحاضرات يأتي بعض الشاب إلى
الأمام ويقولون: سأنضم إليكم من اليوم، وسأخوض تجربة الثورة في البيت وأتحدى
والدي".

وهذا من الخطأ ولن يساعدنا على تحقيق الهدف! ويجب على الشباب أن
يفكروا و يدخلوا ذلك الفهم الخاطئ لثقافة الشرف مجال الحوار ، وهذا ما نريد الوصول
إليه". وهذا ما قد حدث، فبعد ثلاث ساعات سار الشباب الهوينى في الممر وتحادثوا
وتحادثوا وتحادثوا.

face="Tahoma, Arial, Helvetica, sans-serif">بقلم ريغينا كونيغ
ترجمة عبد
اللطيف شعيب
حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2005


شباب مسلم يتضامن مع أخواتهم




size=4> إثر جريمة شرف حدثت لفتاة مسلمة مهاجرة إلى السويد قتلها أبوها
لأنها اختارت المهنة التي تريد أن تتعلمها ورفيق حياتها بنفسها، دون موافقة أسرتها،
تكونت مجموعة من الشباب المسلم في السويد لمناصرة أخواتهم في الدين اللآتي تعانين
من قمع داخل المحيط الأسري. تقرير ريغينا كونيغ


في مدرسة ثانوية بجنوب
استوكهولم يقص كل من شربل وهاكان وأحمد على الحضور عما يسمى بثقافة الشرف التي لا
تمت للإسلام بصلة، بل على العكس لها صلة وثيقة بقمع الحريات.

"يقدر عدد
الفتيات والنساء اللآتي تلاقين قمعا واضطهادا بحوالي 50 ألفاً في السويد، وهذه
تعتبر نسبة ضئيلة بالنسبة لعدد السكان البالغ تسعة ملايين نسمة. ولكم أن تتخيلوا
أنكم هؤلاء، ولا تستطيعون أن تختاروا أصدقائكم بحرية، وتعيشون بين أربعة جدران، ولا
يسمح لكم بالسباحة، ولا تستطيعون دراسة ما ترغبون! هل عساكم ترضون بحياة كتلك؟
فأيما امرأة واحدة عانت من اضطهاد، فإن ذلك يعتبر كثيرا".

وكان المستمعون -
البالغ عددهم حوالي ثمانين شابا – يرتدون الملابس الخاصة بالشباب ما بين السادسة
والتاسعة عشر في أوروبا، مثل قبعة البايسبول وسويت شيرت والجينز والأحذية الرياضية.
ولا أحدا منهم يجلس معتدلا على الكرسي، ورغم ذلك يحاول كل منهم أن يعطي انطباعا
هادئا.

وهؤلاء ينحدرون من أصول هندية وتركية وإيرانية وبنغالية ولبنانية.
ومعظم هؤلاء المراهقين قد ولدوا في السويد ويتكلون اللغة بطلاقة وتعلموا تعليما
راقيا واندمجوا في المجتمع اندماجا جيدا.

ولكن عددا من المسلمين الشباب في
السويد أصابهم – كما هو الحال في ألمانيا – هوس حماية الشرف: ولقي العديد من
الفتيات الشابات حتفهن في السنوات الماضية على أيدي آبائهن أو إخوتهن أو أبناء
عمومتهن، لأنهن وقعن في حب أحد السويديين أو أردن العيش كما تعيش قرنائهن السويديات
أو رفضن الزواج بأحد الأقارب الكبار في السن أو أحد معارف الأسرة من منطقة
الأناضول.

الشرف شيء جميل وإيجابي

هؤلاء الشباب الثمانية
الفخورين الذين كونوا مجموعة "أبطال الشرف" لديهم مفهوم آخر لمصطلح الشرف، أي
الجرأة والشجاعة على الكفاح من أجل حرية أخواتهم.

وهنا يقول الشاب شربل
البالغ من العمر تسعة عشر عاما: "إن كلمة شرف هي كلمة عربية، وكل من يتحدث العربية
يعي مقصود هذه الكلمة. ونحن نريد ألا يستخدم مصطلح "الشرف" استخداما سيئا لاضطهاد
البنات والنساء وسوء معاملتهن. و"الشرف" هو شيء جميل وإيجابي ولا يحمل معنى سيئا
أبدا".

ويضيف شاربل مستنكرا: "إن حماية الفتيات لا يكون بإخفائهن، وإننا
نحاول تغيير وجهة نظر أولئك الذين يضطهدون النساء، وهم معظمهم من الشباب والرجال في
العائلات المسلمة. والوضع أن النساء والفتيات المسلمات ضحايا الفهم الخاطئ لثقافة
الشرف، لأنهن يضطهدن وفي أسوأ الأحوال يقعن ضحية للقتل.

ولكن الضحايا
الفعليون هم أولئك الشباب الذين ينفذون القتل بناء على رغبة آبائهم، فالأولاد
الذكور يتبنون أفكار آبائهم وأسلوبهم في الحياة. وهم ليس لهم خيار غير ذلك، إلا إذا
اتخذوا مجموعة "أبطال الشرف" قدوة لهم.


المساواة بين الشاب والفتاة
في التعليم والعمل


بعد أن أصغى الشباب الثمانين باهتمام لمدة ثلاث ساعات
وتناقشوا أيضا حول المساواة بين الجنسين والديمقراطية والمجتمع الذي يسيطر عليه
الرجال وأيضا حول الدين والثقافة، أصبح بعضهم يفكر في الأمر.

والشاب محمود،
الذي ينتمي إلى عائلة من أصل هندي، يعلق على الوضع بقوله:

"أنا مسلم، أتفهم
ذلك؟ وفي ديننا لا يسمح أيضا للشباب بممارسة الجنس من غير زواج. وأنا أرى أن تنال
الفتيات نفس الحقوق التي يتمتع بها الشباب في التعليم وممارسة العمل، وأنا شخصيا
أريد أن أكون متساويا في نفس الحقوق. وأرى أن ما تنادي به مجموعة "أبطال الشرف" شيئ
جميل، ولكن لا يجب إجبار الناس عليه، إذ عليهم إدراك ذلك شخصيا".

ولكن
مجموعة "أبطال الشرف" لا تريد الإنتظار طويلا، ولهذا فهم يتجولون في السويد ويلقون
محاضرات في المدارس ومراكز الشباب، ويروون أنهم لم يكونوا ملائكة وأنهم كانوا
يقومون بمراقبة أخواتهم. ويقول شربل: "هناك بالتأكيد بارقة أمل، لأننا إذا استطعنا
تغيير أنفسنا، فإن الآخرين سوف يستطيعون ذلك أيضا".

ويأتي الهتاف من الخلف:
"يا سلام، يا سلام! لقد استفدنا استفادة كبيرة! وبعض المحاضرات يأتي بعض الشاب إلى
الأمام ويقولون: سأنضم إليكم من اليوم، وسأخوض تجربة الثورة في البيت وأتحدى
والدي".

وهذا من الخطأ ولن يساعدنا على تحقيق الهدف! ويجب على الشباب أن
يفكروا و يدخلوا ذلك الفهم الخاطئ لثقافة الشرف مجال الحوار ، وهذا ما نريد الوصول
إليه". وهذا ما قد حدث، فبعد ثلاث ساعات سار الشباب الهوينى في الممر وتحادثوا
وتحادثوا وتحادثوا.

face="Tahoma, Arial, Helvetica, sans-serif">بقلم ريغينا كونيغ
ترجمة عبد
اللطيف شعيب
حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2005