Friday, September 22, 2006

نحو القضاء على التجنيد القسرى

لا أعرف على وجه التحديد السبب الحقيقى وراء إحجام الكتَّاب والمفكرين فى بلادنا عن الإقتراب من هذه القضية التى تشكل واحدة من أخطر الإنتهاكات الممارسة ضد حرية الفرد ، ولا أدرى مالذى جعل منظمات حقوق الإنسان تنأى بنفسها عن رصد الكم الهائل من هذه الإنتهاكات داخل المؤسسة العسكرية ، خصوصا تلك التى تمارس بحق المجندين الإلزاميين والتى تمثلت آخر كوارثها فى مقتل مجندين أثناء تأديتهما للخدمة فى مناطق متفرقة .

فما من شك فى أن إجبار الفرد على أداء نشاط معين لم يختر أن يؤديه يعد إعتداءا سافرا على حريته ومصادرة لحقه فى الإختيار ، ويصبح ذالك أقرب إلى نظام الرق الذى كان يفرض بمقتضاه على الإنسان ( الذى وُلِد حُراً ) أن يؤدى خدمات لمن إستعبدوه - قسرا - دون أن يمتلك حق الرفض أو الإمتناع عن أداء هذه الخدمات ، أو حتى حصوله على مقابل مادى معادل لها ، وبالتالى فإن نظام التجنيد الإلزامى يمثل ضربا من ضروب الرق حتى وإن إختبىء مناصروه خلف شعارات خادعة من نوعية " الواجب الوطنى " و " خدمة الوطن " و " الدفاع عن تراب أرض الأجداد " ! .

إن إنتماء الإنسان لوطن ما يحدده إختياره الذاتى لهذا الإنتماء ، وليس مجرد ولادته على أرض هذا الوطن لأبوين يتمتعان بجنسيته ، ومن الحماقة بمكان أن يعد الإنسان منتميا لمكان ما وتفرض عليه إلتزامات و واجبات تابعة لهذا الإنتماء لمجرد أن أمه ولدته فوق أرض يسيطر عليها حكام هذا المكان ، فالإنسان ( الفرد ) هو الذى يختار هويته ، أى هو الذى يحددها ويكونها داخل ذاته ، فتصبح هويته فردية ، أى لا تتشابه و هويات الآخرين ، فالدين الواحد الذى قد يعتنقه العديد من الأفراد لا يشكل هوية لهم ، حتى وإن إدعوا ذالك أو فرض عليهم الإنتماء لهذا الدين ، حيث أنه لا يمثل إختيارهم الحقيقى لهويتهم الذاتية التى تحددها الكثير من العوامل النفسية والبيئية ، إضافة إلى الإختيار الشخصى فى المقام الأول ، وكذالك ، فإن الوطن الذى يولد ويعيش على أرضه آلاف أو ملايين الأفراد لا يشكل هوية لهم لأنهم لم يختاروا أن يولدوا على هذه الأرض كما أنه قد تفرض عليهم بعض القيود التى قد تحول بينهم وبين مغادرته للحياة فى مكان آخر يختاورنه بأنفسهم ، مما يعنى أن الوطن لا يمثل هوية للفرد ، وبالتالى فإن الإنتماء الوطنى المزعوم الذى يفرض بمقتضاه التجنيد القسرى على الأفراد الذين بلغوا السن القانونى للتجنيد هو الآخر يعد ضربا من الهراء المعطى أكثر من حجمه .

وبعيدا عن فلسفة الحرية الفردية والهوية الذاتية ، فحين نقترب من الواقع أكثر ستدهشنا بعض الحقائق التى قد لا يعيرها البعض الإهتمام الكافى ، أو قد لا يتصور الكثيرون أنها موجودة على مثل هذه الصورة .

فقد يتصور البعض أن الدول التى لا يزال نظام التجنيد الإلزامى مطبقا داخل مؤسساتها العسكرية تشكل نسبة كبيرة بين دول العالم ، كما ان الكثيرين ممن وجدتهم يؤيدون إستمرار هذا النظام كانوا يتذرعون بأنه مطبق فى كل بلدان العالم تقريبا ، ويرجع هذا إلى الجهل الشديد الناتج عن التعتيم على بعض المعلومات الهامة التى يخشى الساسة فى بلادنا من إطلاع الشعب عليها ومقارنة الوضع فى بلادهم بما يحدث خارجها ، فطبقا
للموسوعة الإلكترونية الحرة ( ويكيبيديا ) فإن عدد الدول التى لا تزال تطبق نظام التجنيد الإلزامى داخل مؤسساتها العسكرية لا يذيد عن ثلاث وثلاثين دولة حول العالم .


كما أن
الحركات المناهضة للتجنيد الإلزامى متواجدة فى مناطق متفرقة من العالم ، وينتمى مؤيدوها إلى العديد من الدول التى لا تزال تطبق هذا النظام والتى ألغت العمل به ، وقد لا يدرك البعض أن هذه الحركات قد أدت ضغوطها إلى إضطرار عدد من الدول إلى إلغاء نظام التجنيد الإلزامى بها ، كان آخرها إسبانيا عام 2000 وفرنسا عام 2001 والتشيك عام 2004 .


فلم تعد المطالبة بإلغاء هذا النظام ضربا من الترف أو المغالاة ، خاصة بعد أن بدا للعيان حجم المخاطر التى يواجهها المجندون أثناء أدائهم للخدمة الإلزامية ، والتى قد تصل فى بعض الأحيان إلى تعرض حياتهم للخطر كما حدث للجنود المصريين الذين لقوا حتفهم على الحدود مع إسرائيل فى حوادث متفرقة ، أو تعرضهم لخطر الأسر وإساءة المعاملة وتهديد سلامتهم البدنية كما حدث مع الجنود الإسرائيليين الذين أسرتهم حماس وحزب الله خلال المواجهات الأخيرة ، إضافة إلى المعاناة التى يتعرض لها هؤلاء المجندون داخل مناطق تجنيدهم ذاتها من إنتهاك صارخ لحقوقهم وإعتداء عليهم ومعاملتهم بطريقة لا تليق بكائن بشرى .


إن المجندين فى مصر تبدأ معاناتهم منذ لحظة تقدمهم لتحديد موقفهم من الخدمة العسكرية ، فحتى إن لم يصبهم الدور أو كان لديهم الفرصة للحصول على إعفاء نهائى من الخدمة ، فإن أسلوب التعامل معهم داخل مكاتب التجنيد التى تحول العاملون بها إلى مجموعة من الزبانية المتخصصين فى إهانتهم وإذلالهم ، يجعل الأمر غير قابل للصمت أو التجاهل أكثر من ذالك .


فعندما يتم إجبار المتقدمين للتجنيد على خلع معظم ملابسهم أمام بعضهم البعض لتوقيع الكشف الطبى الروتينى المهين عليهم ، وغير ذالك من الإهانات التى قد تصل ذروتها إلى الإعتداء عليهم بالضرب والسب بأقذع الألفاظ إن أبدوا أدنى أنواع الإعتراض على هذه المعاملة اللإنسانية ، فإن الأمر يستحق منا أن نمنحه قدرا أكبر من الإهتمام .


إنه يجب أن تزال هالة القدسية المضفاة على المؤسسة العسكرية لدرجة وضعها فوق مستوى النقد والتناول والمسائلة ، وينبغى أن تجابه عمليات الإستعباد القسرى داخل هذه المؤسسة اللاأخلاقية التى يعتمد عليها المستبدون فى بلادنا أيما إعتماد لضمان بقاءهم فوق كراسيهم وإخضاعنا لسياساتهم الغاشمة .


إن بداية الطريق نحو تقبل الأمر الواقع كما هو والإستسلام لما يفرض على الفرد فى حياته والخضوع لجبروت الساسة وتسلطهم والإنتظام الطوعى فى صفوف القطعان البشرية هو القبول الإضطرارى بالتجنيد الإلزامى ، فهو الذى يصنع المواطن / العبد ، الذى لا يجرؤ أن يفتح فاه بكلمة تمس الحاكم أو تعترض على بطش سلطته وجبروتها ، حيث أن المجند يتم ترويضه بحيث يتحول إلى كائن مازوخى لا يبدى أدنى إعتراض على الظلم والبغى والبطش الذى يمارس بحقه ، و بذالك يضمن الحاكم المستبد بقاء دولته وإستقرار الأوضاع له فيها طالما ظل مواطنوه يقبلون الخضوع لهذا النظام القمعى ولا تصدر عنهم ولو آهة شريدة تنم عن إعتراضهم على هذا الأمر .


لقد حان الوقت لنا نحن الشباب الحالم بمستقبل أفضل لأنفسنا - قبل بلادنا - لأن نقوم بعمل ما فى مواجهة هذا الإسترقاق القانونى ، آن الأوان للوقوف بحزم وقوة ضد هذا النظام العبودى وإنشاء حركة تناهض هذا النوع المقيت من الإستعباد المقنن الذى ظل حتى يومنا هذا معصوما من النقد أو الرفض أو الإعتراض ، فلم يعد هناك مجال للمزيد من الصمت والتخاذل ، إلا إذا كنا - بالفعل - مازوخيين ، نهوى العبودية ونستلذ بالألم ، ونجد فى إستمرار الطغاة فوق كراسيهم وإستمرار قمعهم مبعث سرور وراحة لنا .

نحو القضاء على التجنيد القسرى

لا أعرف على وجه التحديد السبب الحقيقى وراء إحجام الكتَّاب والمفكرين فى بلادنا عن الإقتراب من هذه القضية التى تشكل واحدة من أخطر الإنتهاكات الممارسة ضد حرية الفرد ، ولا أدرى مالذى جعل منظمات حقوق الإنسان تنأى بنفسها عن رصد الكم الهائل من هذه الإنتهاكات داخل المؤسسة العسكرية ، خصوصا تلك التى تمارس بحق المجندين الإلزاميين والتى تمثلت آخر كوارثها فى مقتل مجندين أثناء تأديتهما للخدمة فى مناطق متفرقة .

فما من شك فى أن إجبار الفرد على أداء نشاط معين لم يختر أن يؤديه يعد إعتداءا سافرا على حريته ومصادرة لحقه فى الإختيار ، ويصبح ذالك أقرب إلى نظام الرق الذى كان يفرض بمقتضاه على الإنسان ( الذى وُلِد حُراً ) أن يؤدى خدمات لمن إستعبدوه - قسرا - دون أن يمتلك حق الرفض أو الإمتناع عن أداء هذه الخدمات ، أو حتى حصوله على مقابل مادى معادل لها ، وبالتالى فإن نظام التجنيد الإلزامى يمثل ضربا من ضروب الرق حتى وإن إختبىء مناصروه خلف شعارات خادعة من نوعية " الواجب الوطنى " و " خدمة الوطن " و " الدفاع عن تراب أرض الأجداد " ! .

إن إنتماء الإنسان لوطن ما يحدده إختياره الذاتى لهذا الإنتماء ، وليس مجرد ولادته على أرض هذا الوطن لأبوين يتمتعان بجنسيته ، ومن الحماقة بمكان أن يعد الإنسان منتميا لمكان ما وتفرض عليه إلتزامات و واجبات تابعة لهذا الإنتماء لمجرد أن أمه ولدته فوق أرض يسيطر عليها حكام هذا المكان ، فالإنسان ( الفرد ) هو الذى يختار هويته ، أى هو الذى يحددها ويكونها داخل ذاته ، فتصبح هويته فردية ، أى لا تتشابه و هويات الآخرين ، فالدين الواحد الذى قد يعتنقه العديد من الأفراد لا يشكل هوية لهم ، حتى وإن إدعوا ذالك أو فرض عليهم الإنتماء لهذا الدين ، حيث أنه لا يمثل إختيارهم الحقيقى لهويتهم الذاتية التى تحددها الكثير من العوامل النفسية والبيئية ، إضافة إلى الإختيار الشخصى فى المقام الأول ، وكذالك ، فإن الوطن الذى يولد ويعيش على أرضه آلاف أو ملايين الأفراد لا يشكل هوية لهم لأنهم لم يختاروا أن يولدوا على هذه الأرض كما أنه قد تفرض عليهم بعض القيود التى قد تحول بينهم وبين مغادرته للحياة فى مكان آخر يختاورنه بأنفسهم ، مما يعنى أن الوطن لا يمثل هوية للفرد ، وبالتالى فإن الإنتماء الوطنى المزعوم الذى يفرض بمقتضاه التجنيد القسرى على الأفراد الذين بلغوا السن القانونى للتجنيد هو الآخر يعد ضربا من الهراء المعطى أكثر من حجمه .

وبعيدا عن فلسفة الحرية الفردية والهوية الذاتية ، فحين نقترب من الواقع أكثر ستدهشنا بعض الحقائق التى قد لا يعيرها البعض الإهتمام الكافى ، أو قد لا يتصور الكثيرون أنها موجودة على مثل هذه الصورة .

فقد يتصور البعض أن الدول التى لا يزال نظام التجنيد الإلزامى مطبقا داخل مؤسساتها العسكرية تشكل نسبة كبيرة بين دول العالم ، كما ان الكثيرين ممن وجدتهم يؤيدون إستمرار هذا النظام كانوا يتذرعون بأنه مطبق فى كل بلدان العالم تقريبا ، ويرجع هذا إلى الجهل الشديد الناتج عن التعتيم على بعض المعلومات الهامة التى يخشى الساسة فى بلادنا من إطلاع الشعب عليها ومقارنة الوضع فى بلادهم بما يحدث خارجها ، فطبقا
للموسوعة الإلكترونية الحرة ( ويكيبيديا ) فإن عدد الدول التى لا تزال تطبق نظام التجنيد الإلزامى داخل مؤسساتها العسكرية لا يذيد عن ثلاث وثلاثين دولة حول العالم .


كما أن
الحركات المناهضة للتجنيد الإلزامى متواجدة فى مناطق متفرقة من العالم ، وينتمى مؤيدوها إلى العديد من الدول التى لا تزال تطبق هذا النظام والتى ألغت العمل به ، وقد لا يدرك البعض أن هذه الحركات قد أدت ضغوطها إلى إضطرار عدد من الدول إلى إلغاء نظام التجنيد الإلزامى بها ، كان آخرها إسبانيا عام 2000 وفرنسا عام 2001 والتشيك عام 2004 .


فلم تعد المطالبة بإلغاء هذا النظام ضربا من الترف أو المغالاة ، خاصة بعد أن بدا للعيان حجم المخاطر التى يواجهها المجندون أثناء أدائهم للخدمة الإلزامية ، والتى قد تصل فى بعض الأحيان إلى تعرض حياتهم للخطر كما حدث للجنود المصريين الذين لقوا حتفهم على الحدود مع إسرائيل فى حوادث متفرقة ، أو تعرضهم لخطر الأسر وإساءة المعاملة وتهديد سلامتهم البدنية كما حدث مع الجنود الإسرائيليين الذين أسرتهم حماس وحزب الله خلال المواجهات الأخيرة ، إضافة إلى المعاناة التى يتعرض لها هؤلاء المجندون داخل مناطق تجنيدهم ذاتها من إنتهاك صارخ لحقوقهم وإعتداء عليهم ومعاملتهم بطريقة لا تليق بكائن بشرى .


إن المجندين فى مصر تبدأ معاناتهم منذ لحظة تقدمهم لتحديد موقفهم من الخدمة العسكرية ، فحتى إن لم يصبهم الدور أو كان لديهم الفرصة للحصول على إعفاء نهائى من الخدمة ، فإن أسلوب التعامل معهم داخل مكاتب التجنيد التى تحول العاملون بها إلى مجموعة من الزبانية المتخصصين فى إهانتهم وإذلالهم ، يجعل الأمر غير قابل للصمت أو التجاهل أكثر من ذالك .


فعندما يتم إجبار المتقدمين للتجنيد على خلع معظم ملابسهم أمام بعضهم البعض لتوقيع الكشف الطبى الروتينى المهين عليهم ، وغير ذالك من الإهانات التى قد تصل ذروتها إلى الإعتداء عليهم بالضرب والسب بأقذع الألفاظ إن أبدوا أدنى أنواع الإعتراض على هذه المعاملة اللإنسانية ، فإن الأمر يستحق منا أن نمنحه قدرا أكبر من الإهتمام .


إنه يجب أن تزال هالة القدسية المضفاة على المؤسسة العسكرية لدرجة وضعها فوق مستوى النقد والتناول والمسائلة ، وينبغى أن تجابه عمليات الإستعباد القسرى داخل هذه المؤسسة اللاأخلاقية التى يعتمد عليها المستبدون فى بلادنا أيما إعتماد لضمان بقاءهم فوق كراسيهم وإخضاعنا لسياساتهم الغاشمة .


إن بداية الطريق نحو تقبل الأمر الواقع كما هو والإستسلام لما يفرض على الفرد فى حياته والخضوع لجبروت الساسة وتسلطهم والإنتظام الطوعى فى صفوف القطعان البشرية هو القبول الإضطرارى بالتجنيد الإلزامى ، فهو الذى يصنع المواطن / العبد ، الذى لا يجرؤ أن يفتح فاه بكلمة تمس الحاكم أو تعترض على بطش سلطته وجبروتها ، حيث أن المجند يتم ترويضه بحيث يتحول إلى كائن مازوخى لا يبدى أدنى إعتراض على الظلم والبغى والبطش الذى يمارس بحقه ، و بذالك يضمن الحاكم المستبد بقاء دولته وإستقرار الأوضاع له فيها طالما ظل مواطنوه يقبلون الخضوع لهذا النظام القمعى ولا تصدر عنهم ولو آهة شريدة تنم عن إعتراضهم على هذا الأمر .


لقد حان الوقت لنا نحن الشباب الحالم بمستقبل أفضل لأنفسنا - قبل بلادنا - لأن نقوم بعمل ما فى مواجهة هذا الإسترقاق القانونى ، آن الأوان للوقوف بحزم وقوة ضد هذا النظام العبودى وإنشاء حركة تناهض هذا النوع المقيت من الإستعباد المقنن الذى ظل حتى يومنا هذا معصوما من النقد أو الرفض أو الإعتراض ، فلم يعد هناك مجال للمزيد من الصمت والتخاذل ، إلا إذا كنا - بالفعل - مازوخيين ، نهوى العبودية ونستلذ بالألم ، ونجد فى إستمرار الطغاة فوق كراسيهم وإستمرار قمعهم مبعث سرور وراحة لنا .

Monday, September 11, 2006

لا إله إلا الإنسان

هل من المنطقى أن تكون هناك " قيود " على " الحرية " ؟؟...
يطل هذا التساؤل إلى عقلى كلما وجدت بعض مدعى الليبرالية فى الشرق الأوسط وهم يناقضون أنفسهم كى يتلافوا الصدام مع أفكار المجتمع ، وكى يجذبوا الناس إلى صفوفهم دون أن يعطوا أدنى إعتبار للمعنى المطلق للمبادىء التى ينادون بها ، والتى بالطبع تتناقض مع ثوابت المجتمع ومعتقداته المتوارثة .
فالحرية كما تعلمتها وفهمتها وآمنت بها هى إزالة كافة القيود عن كاهل الإنسان ، والعبودية التى هى نقيضها تعنى إخضاع الإنسان بفرض بعض القيود على حياته بدافع السيطرة عليه ، وحيث وجدت القيود إختفت الحرية ، وحيث وجدت الحرية سقطت القيود ، هذه بديهية لا تحتاج إلى إثباتات عملية ، وليس من المنطقى الإعتراض عليها بحجة أن ثوابت المجتمع أو المعتقدات الدينية يجب أن تأخذ بعين الإعتبار ، فإما أن تكون الحرية المطلقة هى غايتنا وإما أن نكون صرحاء مع أنفسنا ونعلن كراهيتنا لها ورفضنا إياها وتفضيلنا الإستسلام للقيود على منحنا إياها .
وليس معنى أن الحرية تنفى القيود أن للإنسان كامل الحرية فى فعل كل ما يقدر عليه ، فليس معنى أننى قوى أننى حر فى إستعباد من هو أقل منى قوة ، فمن أهم مبادىء الحرية عدم تجاوز حدود حريات الآخرين ، وذالك حتى تكون الحرية ذات معنى وليست مجرد تبرير لتصرفات من يستغلون قوتهم فى إخضاع غيرهم ، فالحرية - المقرونة بالمسؤلية - حق لجميع البشر دون تمييز ، ولكى يتم تفعيل هذا الحق بصورة واقعية ، يجب أن يحترم كل فرد حرية غيره ولا ينتقص منها ، والقانون هو الذى ينظم هذا الأمر ويمنع تعدى الأفراد على بعضهم البعض بإسم الحرية .
هنا تأتى نقطة هامة ، وهى أن وظيفة القانون الأساسية هو تنظيم علاقات الأفراد بعضهم ببعض داخل المجتمع ، وحماية حرياتهم من الإستغلال أو الإنتقاص ، فهل من حق مشرعى القوانين أن يفرضوا هم الآخرين قيودا أخرى على حريات البشر لا علاقة لها بتلافى تعدى بعضهم على حريات الآخرين ؟؟!!! .
فمثلا : هل للقانون الحق فى تجريم فعل لا يتعدى أثره الحياة الخاصة لصاحبه ؟؟ ..
وهل يحق فرض إلتزامات على المواطن ينتقص بموجبها من حريته الشخصية بدعوى الخضوع للقانون ؟؟..
أعتقد أن هذا الأمر خارج عن الوظيفة التى أوجد القانون لأجلها ، ولذا فإن هذا يعد خروجا بالقانون عن الإطار الذى وضع لأجله وهو حماية حريات الأفراد ، فيتحول بذالك من أداة لحفظها إلى قيد جديد عليها لا فائدة منه سوى إستعباد الأفراد لصالح تنظيم إجتماعى جديد يقدس القانون أكثر من تقديسه للفرد ( الإله ) .
إن مجىء الفرد قد سبق تكون التنظيم الإجتماعى ، وهذا التكون هو الذى أوجد القانون ، وكما هو معروف فإن إحدى أهم الوظائف التى وجد من أجلها هذا التنظيم هو حماية حقوق الأفراد من الإنتقاص تحت حماية القانون ، ولذا فإن الفرد الذى سبق مجيئة ظهور هذه التشريعات هو الذى يجب أن يحظى بالقدسية والإحترام ، وليس القانون ( التابع ) الذى يفترض أنه يحمى حقوق الأفراد ، لا أن ينتقص منها .
وسواء كان هذا القانون عرفا أو تشريعا دينيا أو وضعيا ، فإنه لا يمكن بحال من الأحوال أن نضعه فوق البشر ونقدمه عليهم وعلى رغباتهم وإراداتهم فى الحياة ، فالقوانين ماهى سوى أحكام جامدة صماء ، بينما الإنسان هو كتلة من المشاعر الحية التى ليس من حقنا أن نقدم عليها هذا الكيان الأصم ونخضعه من خلال أحكامه .
إنه يجب علينا أن نعيد من البداية تعريف وظيفة القانون فى حياتنا ، وقبل هذا يجب أن نقنع الإنسان بقدسيته الذاتية وأنه لا شىء يفوقه أهمية ومكانة سواه ، وبالتالى فإن القانون هو تابع للفرد وحام له ومنظم لحياته ، وليس أداة قمع يهدف من ورائها إلى خلق إله جديد يسجد الإنسان له ويقدسة .

لا إله إلا الإنسان

هل من المنطقى أن تكون هناك " قيود " على " الحرية " ؟؟...
يطل هذا التساؤل إلى عقلى كلما وجدت بعض مدعى الليبرالية فى الشرق الأوسط وهم يناقضون أنفسهم كى يتلافوا الصدام مع أفكار المجتمع ، وكى يجذبوا الناس إلى صفوفهم دون أن يعطوا أدنى إعتبار للمعنى المطلق للمبادىء التى ينادون بها ، والتى بالطبع تتناقض مع ثوابت المجتمع ومعتقداته المتوارثة .
فالحرية كما تعلمتها وفهمتها وآمنت بها هى إزالة كافة القيود عن كاهل الإنسان ، والعبودية التى هى نقيضها تعنى إخضاع الإنسان بفرض بعض القيود على حياته بدافع السيطرة عليه ، وحيث وجدت القيود إختفت الحرية ، وحيث وجدت الحرية سقطت القيود ، هذه بديهية لا تحتاج إلى إثباتات عملية ، وليس من المنطقى الإعتراض عليها بحجة أن ثوابت المجتمع أو المعتقدات الدينية يجب أن تأخذ بعين الإعتبار ، فإما أن تكون الحرية المطلقة هى غايتنا وإما أن نكون صرحاء مع أنفسنا ونعلن كراهيتنا لها ورفضنا إياها وتفضيلنا الإستسلام للقيود على منحنا إياها .
وليس معنى أن الحرية تنفى القيود أن للإنسان كامل الحرية فى فعل كل ما يقدر عليه ، فليس معنى أننى قوى أننى حر فى إستعباد من هو أقل منى قوة ، فمن أهم مبادىء الحرية عدم تجاوز حدود حريات الآخرين ، وذالك حتى تكون الحرية ذات معنى وليست مجرد تبرير لتصرفات من يستغلون قوتهم فى إخضاع غيرهم ، فالحرية - المقرونة بالمسؤلية - حق لجميع البشر دون تمييز ، ولكى يتم تفعيل هذا الحق بصورة واقعية ، يجب أن يحترم كل فرد حرية غيره ولا ينتقص منها ، والقانون هو الذى ينظم هذا الأمر ويمنع تعدى الأفراد على بعضهم البعض بإسم الحرية .
هنا تأتى نقطة هامة ، وهى أن وظيفة القانون الأساسية هو تنظيم علاقات الأفراد بعضهم ببعض داخل المجتمع ، وحماية حرياتهم من الإستغلال أو الإنتقاص ، فهل من حق مشرعى القوانين أن يفرضوا هم الآخرين قيودا أخرى على حريات البشر لا علاقة لها بتلافى تعدى بعضهم على حريات الآخرين ؟؟!!! .
فمثلا : هل للقانون الحق فى تجريم فعل لا يتعدى أثره الحياة الخاصة لصاحبه ؟؟ ..
وهل يحق فرض إلتزامات على المواطن ينتقص بموجبها من حريته الشخصية بدعوى الخضوع للقانون ؟؟..
أعتقد أن هذا الأمر خارج عن الوظيفة التى أوجد القانون لأجلها ، ولذا فإن هذا يعد خروجا بالقانون عن الإطار الذى وضع لأجله وهو حماية حريات الأفراد ، فيتحول بذالك من أداة لحفظها إلى قيد جديد عليها لا فائدة منه سوى إستعباد الأفراد لصالح تنظيم إجتماعى جديد يقدس القانون أكثر من تقديسه للفرد ( الإله ) .
إن مجىء الفرد قد سبق تكون التنظيم الإجتماعى ، وهذا التكون هو الذى أوجد القانون ، وكما هو معروف فإن إحدى أهم الوظائف التى وجد من أجلها هذا التنظيم هو حماية حقوق الأفراد من الإنتقاص تحت حماية القانون ، ولذا فإن الفرد الذى سبق مجيئة ظهور هذه التشريعات هو الذى يجب أن يحظى بالقدسية والإحترام ، وليس القانون ( التابع ) الذى يفترض أنه يحمى حقوق الأفراد ، لا أن ينتقص منها .
وسواء كان هذا القانون عرفا أو تشريعا دينيا أو وضعيا ، فإنه لا يمكن بحال من الأحوال أن نضعه فوق البشر ونقدمه عليهم وعلى رغباتهم وإراداتهم فى الحياة ، فالقوانين ماهى سوى أحكام جامدة صماء ، بينما الإنسان هو كتلة من المشاعر الحية التى ليس من حقنا أن نقدم عليها هذا الكيان الأصم ونخضعه من خلال أحكامه .
إنه يجب علينا أن نعيد من البداية تعريف وظيفة القانون فى حياتنا ، وقبل هذا يجب أن نقنع الإنسان بقدسيته الذاتية وأنه لا شىء يفوقه أهمية ومكانة سواه ، وبالتالى فإن القانون هو تابع للفرد وحام له ومنظم لحياته ، وليس أداة قمع يهدف من ورائها إلى خلق إله جديد يسجد الإنسان له ويقدسة .